للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«ثم قال، وهومحل الشاهد: إنك أن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس» (١) فأثبت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الخير لرجل ترك الوصية من أجل أن يبقي المال لورثته المحتاجين، «إنك أن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس» وقال له صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «واعلم أنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت عليها حتى ما تجعله في فِيِّ امرأتك» . لماذا مثل الرسول عليه الصلاة والسلام ما يجعله الإنسان وقال: «في فيّ امرأتك» ما قال حتى ما تجعله في في أبيك، في في أمك، بل قال «في في امرأتك» لأن المرأة إذا لم ينفق عليها زوجها طالبت بالفراق وإذا طالبت بالفراق وفارقته بقي بلا زوج إذًا فإنفاقه على زوجته كأنما يجر به إلى نفسه نفعا. ومع ذلك قال له الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إنك إذا أنفقت نفقة تبتغي بها وجه الله، حصل لك بها الأجر» حتى في هذه النفقة التي تكون معاوضة لأن الإنفاق على الزوجة عوض عن الاستمتاع بها ونيل الشهوة منها. ولهذا إذا نشزت الزوجة، فإن نفقتها تسقط.

الحاصل أيها الإخوة أن النية لها تأثير عظيم في العبادة ولهذا نقول: إن العبادة لا تكون عبادة إلا بشرطين أساسين، أحدهما: الإخلاص لله، والثاني: المتابعة لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

فأما الإخلاص لله. فمعناه ألا يريد الإنسان بهذا التعبد إلا وجه الله والدار الآخرة لا يريد أن ينال مالا ولا جاها ولا أن يسلم من سلطان ولا غير ذلك من أمور الدنيا، ما يريد إلا وجه الله والدار الآخرة، وهذا الشرط له أدلة من كلام الله ومن كلام النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فمن الأدلة قوله تعالى:


(١) أخرجه البخاري: كتاب الجنائز: رقم (١٢٣٣) ومسلم: كتاب الوصية: باب الوصية بالثلث رقم (١٦٢٨) .

<<  <  ج: ص:  >  >>