للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن العجب أنهم يقرون بتوحيد الربوبية دون الألوهية ولا ريب أن كل إنسان عاقل يقر بتوحيد الربوبية فإن إقراره ذلك حجة عليه أن يقر بتوحيد الألوهية. لأنه إذا كان يقر بأن الخالق هو الله، المدبر هو الله، والمالك هو الله فكيف يكون هناك معبود مع الله ومن ثم تجدون الله - عز وجل- يقرر توحيد الألوهية بتوحيد الربوبية {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} ، [سورة البقرة، الآية: ٢١] فجعل توحيد الربوبية دليلا ملزما بتوحيد الألوهية.

{اعْبُدُوا رَبَّكُمُ} هذا هو توحيد الألوهية ألوهية بالنسبة لله وعبودية بالنسبة للخلق، {الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ} ، هذا هو توحيد الربوبية، فإذا كنتم تؤمنون بذلك فلماذا لا توحدونه بالعبادة، لماذا تعبدون الأصنام والأشجار معه، هذا دليل عقلي لا يمكن لأي إنسان عاقل أن يحيد عنه ولهذا يذكر الله ذلك ملزما لهؤلاء المشركين أن يقولوا بأن الله إله واحد وصدق الله عز وجل.

أيها الإخوة: توحيد الألوهية ليس بالأمر الهين الذي يظنه كثير من المعاصرين اليوم أنه على الهامش وأن مجرد إقرار الإنسان برب خالق مدبر للكون حكيم في صنعه كاف في الإيمان والتوحيد، إن هذه النظرة نظرة بلا شك خاطئة، ولو كان التوحيد كما يراه هؤلاء بأنه إفراد الله أو بأنه الإيمان بأن الله وحده هو الخالق الرازق لو كان هذا هو التوحيد لم تكن هناك حاجة إلى إرسال الرسل لأن التكذيب بهذا التوحيد أو إنكار هذا التوحيد لم يقع إلا نادرا ولا سيما فيما سلف من الأزمان، لكن التوحيد الذي بعثت الرسل لتحقيقه والقتال عليه هو توحيد الألوهية والذي يسمى أحيانا بتوحيد العبادة لأنه إن نظرت إليه من جهة الله فسمه توحيد ألوهية وإن نظرت إليه من جهة الإنسان فسمه توحيد العبادة أو العبودية، المهم أن كثيرا من الناس اليوم من

<<  <  ج: ص:  >  >>