للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: «كما رحمتك في السماء اجعل رحمتك في الأرض» : الكاف هنا للتعليل، والمراد بها التوسل؛ توسل إلى الله تعالى بجعل رحمته في السماء أن يجعلها في الأرض.

فإن قلت: أليس رحمة الله في الأرض أيضًا؟

قلنا: هو يقرأ على المريض، والمريض يحتاج إلى رحمة خاصة يزول بها مرضه.

وقوله: " «اغفر لنا حوبنا وخطايانا» . الغفر: ستر الذنب والتجاوز عنه. والحوب: كبائر الإثم. والخطايا: صغائره. هذا إذا جمع بينهما، أما إذا افترقا؛ فهما بمعنى واحد؛ يعني اغفر لنا كبائر الإثم وصغائره؛ لأن في المغفرة زوال المكروب وحصول المطلوب، ولأن الذنوب قد تحول بين الإنسان وبين توفيقه؛ فلا يوفق ولا يجاب دعاؤه.

قوله: «أنت رب الطيبين» : هذه ربوبية خاصة، وأما الربوبية العامة؛ فهو رب كل شيء، والربوبية قد تكون خاصة وعامة.

واستمع إلى قول السحرة الذين آمنوا: {قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ} [الأعراف: ١٢١-١٢٢] ؛ حيث عموا ثم خصوا. واستمع إلى قوله تعالى: {إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هَذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَهَا وَلَهُ كُلُّ شَيْءٍ} [النمل: ٩١] ؛ فـ {رَبَّ هَذِهِ الْبَلْدَةِ} خاص، {وَلَهُ كُلُّ شَيْءٍ} عام.

والطيبون: هم المؤمنون؛ فكل مؤمن فهو طيب، وهذا من باب التوسل بهذه الربوبية الخاصة، إلى أن يستجيب الله الدعاء ويشفي المريض.

قوله: «أنزل رحمة من رحمتك وشفاء من شفائك على هذا الوجع»

<<  <  ج: ص:  >  >>