للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعن عمر؛ أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: «لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم، إنما أنا عبد، فقولوا: عبد الله ورسوله» . أخرجاه.

ــ

في مجالسهم وهنا يقول: "عكفوا على قبورهم"، ولا يبعد أنهم فعلوا هذا وهذا، أو أنهم قبروا في مجالسهم؛ فتكون هي محل القبور.

والشاهد قوله: " ثم طال عليهم الأمد؛ فعبدوهم "؛ فسبب العبادة إذا الغلو في هؤلاء الصالحين حتى عبدوهم.

قوله: «لا تطروني» ، الإطراء: المبالغة في المدح.

وهذا النهي يحتمل أنه منصب على هذا التشبيه، وهو قوله: «كما أطرت النصارى ابن مريم» ، حيث جعلوه إلها أو ابنا لله، وبهذا يوحي قول البوصيري:

دع ما ادعته النصارى في نبيهم ... واحكم بما شئت مدحا فيه واحتكم

أي: دع ما قاله النصارى أن عيسى عليه الصلاة والسلام ابن الله أو ثالث ثلاثة، والباقي املأ فمك في مدحه ولو بما لا يرضيه.

ويحتمل أن النهي عام؛ فيشمل ما يشابه غلو النصارى في عيسى ابن مريم وما دونه، ويكون قوله: " كما أطرت " لمطلق التشبيه لا للتشبيه المطلق؛ لأن إطراء النصارى عيسى ابن مريم سببه الغلو في هذا الرسول الكريم صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حيث جعلوه ابنا لله وثالث ثلاثة، والدليل على أن المراد هذا قوله: «إنما أنا عبد فقولوا عبد الله ورسوله» .

<<  <  ج: ص:  >  >>