للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولمسلم عن جندب بن عبد الله؛ قال: (سمعت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قبل أن يموت بخمس وهو يقول: «إني أبرأ إلى الله أن يكون لي منكم خليل، فإن الله قد اتخذني خليلا كما اتخذ إبراهيم خليلا، ولو كنت متخذا من أمتي خليلا؛ لاتخذت أبا بكر خليلا، ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد؛ فإني أنهاكم عن ذلك» .

ــ

قوله: (بخمس) ، أي: خمس ليال، لكن العرب تطلقها على الأيام والليالي.

قوله: (أبرأ) ، البراءة: هي التخلي؛ أي: أتخلى أن يكون لي منكم خليل.

قوله: (خليل) ، هو الذي يبلغ في الحب غايته؛ لأن حبه يكون قد تخلل الجسم كله، قال الشاعر يخاطب محبوبته:

قد تخللت مسلك الروح مني ... وبهذا سمي الخليل خليلا

والخلة أعظم أنواع المحبة وأعلاها، ولم يثبتها الله - عز وجل - فيما نعلم إلا لاثنين من خلقه، هما: إبراهيم في قوله تعالى: {وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا} [النساء: ١٢٥] ، ومحمد لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إن الله اتخذني خليلا كما اتخذ إبراهيم خليلا» .

وبهذا تعرف الجهل العظيم الذي يقوله العامة: إن إبراهيم خليل الله، ومحمدا حبيب الله، وهذا تناقض في حق الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ لأنهم بهذه المقالة

<<  <  ج: ص:  >  >>