للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

باب: من الإيمان بالله الصبر على أقدار الله

ــ

" الصبر " في اللغة: الحبس، ومنه قولهم: " قتل صبرا "، أي: محبوسا مأسورا.

وفي الاصطلاح: حبس النفس على أشياء وعن أشياء، وهو ثلاثة أقسام:

الأول: الصبر على طاعة الله، كما قال تعالى: {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا} [طه: ١٣٢] ، وقال تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ تَنْزِيلًا فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ} [الإنسان: ٢٣ - ٢٤] ، وهذا من الصبر على الأوامر؛ لأنه إنما نزل عليه القرآن ليبلغه، فيكون مأمورا بالصبر على الطاعة، وقال تعالى: ( {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ} [الكهف: ٢٨] . وهذا صبر على طاعة الله.

الثاني: الصبر عن معصية الله، كصبر يوسف -عليه السلام - عن إجابة امرأة العزيز حيث دعته إلى نفسها، في مكانة لها فيها العزة والقوة والسلطان عليه، ومع ذلك صبر، وقال: {قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ} [يوسف: ٣٣] . فهذا صبر عن معصية الله.

الثالث: الصبر على أقدار الله، قال تعالى: {فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ} [الإنسان: ٢٤] ، فيدخل في هذه الآية حكم الله القدري، ومنه قوله تعالى: {فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلَا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ} [الأحقاف: ٣٥] ؛ لأن هذا صبر على تبليغ الرسالة، وعلى أذى قومه، ومنه قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -لرسول إحدى

<<  <  ج: ص:  >  >>