للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المائدة ذلك الرجس بقوله: (رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ) (١) .فهو رجس عملي وليس رجسا عينيا ذاتيا، بدليل أنه قال: (إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلامُ) (٢) . ومن المعلوم أن الميسر والأنصاب والأزلام ليست نجسة نجاسة حسية، فقرن هذه الأربعة: الخمر والميسر والأنصاب والأزلام في وصف واحد الأصل أن تتفق فيه، فإذا كانت الثلاثة نجاستها نجاسة معنوية، فكذلك الخمر نجاسته معنوية لأنه من عمل الشيطان.

وقالوا أيضا: إنه ثبت أنه لما نزل تحريم الخمر أراقها المسلمون في الأسواق، ولو كانت نجسة ما جازت إراقتها في الأسواق لأن تلويث الأسواق بالنجاسات محرم ولا يجوز.

وقالوا أيضا: إن الرسول صلى الله عليه وسلم، لما حرمت الخمر، لم يأمر بغسل الأواني منها ولو كانت نجسة لأمر بغسل الأواني منها كما أمر بغسلها من لحوم الحمر الأهلية حين حرمت.

وقالوا أيضا: قد ثبت في صحيح مسلم أن رجلا أتى براوية من خمرإلى النبي صلى الله عليه وسلم فأهداها إليه، فقال الرسول عليه الصلاة والسلام: (أما علمت أنها قد حرمت) ثم سارة رجل أي كلم صاحب الراوية رجل بكلام سر فقال: (ماذا قلت؟) قال: قلت: يبيعها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الله إذا حرم شيئا حرم ثمنه) . فأخذ الرجل بفم الراوية فأراق الخمر، ولم يأمره النبي صلى الله عليه وسلم بغسلها منه، ولا منعه من إراقتها هناك،

قالوا: فهذا دليل على أن الخمر ليس نجسا نجاسة حسية، ولو كانت حسية لأمره النبي صلى الله عليه وسلم بغسل الراوية ونهاه عن إراقتها هناك.


(١) سورة المائدة،الآية:٩٠.
(٢) سورة المائدة، الآية: ٩١.

<<  <  ج: ص:  >  >>