للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قتل فإنه لا يحكم بكفره فالقاضي بكفر تارك الصلاة تركه إياها لا دعوته لها على هذا الوجه.

ثم ذكر بن القيم في المسألة الرابعة: أن ترك الصلاة بالكلية لا يقبل معه عمل، كما لا يقبل مع الشرك عمل، وهذا الحكم لا يثبت إلا إذا كان ترك الصلاة كفراً وردة، فإن الأعمال لا تحبط إلا بالردة لقوله تعالى: (وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) (١) . وقد صرح ابن القيم في هذا المبحث بأنه إذا ترك الصلاة تركاً كلياً لا يصليها أبداً فإن هذا الترك يحبط العمل جميعه، إلا أنه استدرك وقال: فإن قيل: كيف تحبط الأعمال بغير الردة؟ قيل: نعم، ثم حمل معنى الإحباط على المقابلة والمقاصة. وإنما نقلت ملخص كلامه ليتبين أنه رحمه الله لم يعط كلاماً فصلاً في هذا الموضوع بل كلامه يشبه كلام المتردد.

ومهما يكن فالمرجع في هذه المسألة الكبيرة إلى ما تقتضيه الأدلة، ثم كلام السلف الصالح والأئمة، ومن تأمل الأدلة الواردة في تارك الصلاة وجد أنها تدل على أن كفره كفراً أكبر، إما بمقتضى اللفظ، أو بمقتضى الأحكام المرتبة على الترك، والتي لا تكون إلا لكافر، وأن بين إطلاق الكفر فيها وفي نحو " قتاله كفر " فرقاً بينا كما ذكره شيخ الإسلام في كتاب الاقتضاء، وكما هو معلوم من دلالات الألفاظ، وتأمل الدليل الثاني الذي ذكره ابن القيم – رحمه الله تعالى – في أدلة المكفرين حيث يقول فيه: " العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها


(١) سورة البقرة، الآية: ٢١٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>