للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حنيفة، والشافعي، وأحمد، فجميع هؤلاء الأئمة الأربعة متفقون على أنه يجب عليه قضاء ما فاته بعد بلوغه، وحجتهم: أن هذا الشخص بالغ عاقل مسلم ملتزم لأحكام الإسلام، والصلاة من أوجب واجبات الإسلام، بل هي أعظم أركانه بعد الشهادتين، ولم يقم دليل على أن تأخيرها عن وقتها مسقط لوجوبها، بل لو كان تأخيرها عن الوقت عمداً مسقطاً لوجوبها لكان فيه فتح باب للتلاعب وإضاعة الصلاة، وهذا الشخص إذا صح أنه تائب فإن من تمام توبته أن يقضي ما وجب عليه في ذمته، كالدين لآدمي إذا أنكره ثم ندم وتاب فإنه لا يبرأ منه إلا بدفعه إلى صاحبه، وأيضاً فإن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمر من نام عن الصلاة أو نسيها أن يصليها إذا ذكرها أو استيقظ (١) ، فإذا كان هذا في حق النائم أو الناسي وهما معذوران فكيف بحال المستيقظ الذاكر المتعمد لتركها أفلا يكون أولى بالأمر بالقضاء ممن كان معذوراً؟ ‍‍وأيضاً فإن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما شغله المشركون عام الخندق عن الصلاة صلاها بعد الغروب (٢) ، فدل ذلك على وجوب قضاء الصلاة إذا فاتت، فهذه أربعة أدلة على وجوب القضاء مجملها كما يلي:

١- أنه شخص بالغ عاقل مسلم ملتزم لأحكام الإسلام فوجب عليه قضاء الصلاة إذا فوتها، كما يجب عليه أداؤها في الوقت.

٢- أنه شخص عاص لله ورسوله على بصيرة فلزمته التوبة ومن تتمتها أن يقضي ما فاته من الواجب.

٣- أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أوجب على المعذور بنوم أو نسيان قضاء ما فاته من


(١) تقدم تخريجه ص١٦.
(٢) تقدم تخريجه ص٢١.

<<  <  ج: ص:  >  >>