للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كفر " (١) . قال: فقوله: " هما بهم كفر " أي هاتان الخصلتان هما كفر قائم بالناس، فنفس الخصلتين كفر حيث كانتا من أعمال الكفر، وهما قائمتان بالناس، لكن ليس كل من قام به شعبة من شعب الكفر يصير بها كافراً الكفر المطلق حتى تقوم به حقيقة الكفر، كما أنه ليس كل من قام به شعبة من شعب الإيمان يصير بها مؤمناً حتى يقوم به أصل الإيمان وحقيقته، وفرق بين الكفر المعرف باللام كما في قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " ليس بين العبد وبين الكفر والشرك إلا ترك الصلاة " (٢) . وبين كفر منكر في الإثبات اهـ كلامه.

فإذا تبين أن تارك الصلاة بلا عذر كافر كفراً مخرجاً عن الملة بمقتضى هذه الأدلة كان الصواب فيما ذهب إليه الإمام أحمد بن حنبل وهو أحد قولي الشافعي ذكره ابن كثير في تفسير قوله تعالى: (فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ) (٣) . وذكر بن القيم في كتاب الصلاة أنه أحد الوجهين في مذهب الشافعي وأن الطحاوي نقله عن الشافعي نفسه.

وعلى هذا القول جمهور الصحابة بل حكى غير واحد إجماعهم عليه، قال عبد الله بن شقيق: " كان أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يرون شيئاً من الأعمال تركه كفر غير الصلاة " (٤) ، رواه الترمذي والخمسة وصححه على شرطهما. وقال إسحاق بن راهويه الإمام المعروف " صح عن


(١) تقدم تخريجه ص١٣٣.
(٢) تقدم تخريجه ص٤٢.
(٣) سورة مريم، الآية: ٥٩.
(٤) تقدم تخريجه ص٤٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>