للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

احتلمت في ليلة باردة في غزوة ذات السلاسل فأشفقت إن أغتسلت أن أهلك فتيممت ثم صليت بأصحابي الصبح فذكروا ذلك للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: ((يا عمرو أصليت بأصحابك وأنت جنب؟)) (١) فأخبرته بالذي منعني من الاغتسال وقلت: إني سمعت الله عز وجل يقول: (وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً) (٢) . فضحك رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولم يقل شيئاً. فأقره النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على ذلك ولم يأمره بالإعادة، لأن من خاف الضرر كمن فيه الضرر، لكن بشرط أن يكون الخوف غالباً أو قاطعاً، أما مجرد الوهم فهذا ليس بشيء.

وأعلم أن طهارة التيمم تقوم مقام طهارة الماء، ولا تنتقض إلا بما تنتقض به طهارة الماء، أو بزوال العذر المبيح للتيمم.

فمن تيمم لعدم وجود الماء ثم وجده فإنه لابد أن يتطهر بالماء، لأن الله تعالى إنما جعل التراب طهارة إذا عدم الماء، وفي الحديث الذي أخرجه أهل السنن عن أبي هريرة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: ((الصعيد الطيب وضوء المسلم أو قال: طهور المسلم وإن لم يجد الماء عشر سنين، فإن وجده فليتق الله وليمس بشرته)) (٣) .

وفي صحيح البخاري من حديث عمران بن حصين الطويل في قصة الرجل الذي اعتزل فلم يصل مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فسأله فقال: ((ما منعك أت تصلي معنا)) ؟ قال: أصابتني جنابة ولا ماء فقال: ((عليك بالصعيد


(١) أخرجه الإمام أحمد في " المسند " ٤/٢٠٣، وأبو داود: كتاب الطهارة / باب إذا خاف الجنب البرد يتيمم، وعلقه البخاري / كتاب التيمم وصححه الحافظ في " الفتح " ١/٣٥٤.
(٢) سورة النساء، الآية: ٢٩.
(٣) تقدم تخريجه ص ٢٦٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>