للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سئل فضيلة الشيخ – حفظه الله تعالى -: ما القول الراجح في الهوي إلى الأرض بعد الركوع؟

فأجاب فضيلته بقوله: القول الراجح في الهوي إلى الأرض بعد الركوع: أن الإنسان يبدأ بركبتيه ثم يديه، وذلك لأن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى عن البداءة باليدين حيث قال: "إذا سجد أحدكم فلا يبرك كما يبرك البعير" (١) فنهى أن يبرك الإنسان كما يبرك البعير، وبروك البعير كما هو معلوم لكل من شاهدها وهي تبرك أنها تقدم اليدين، وقد ظن بعض أهل العلم – رحمهم الله – من السابقين، ومن المعاصرين أن هذا نهي عن البروك على الركب، وقال: إن ركبة البعير في يديه، وإن نهي النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يبرك الإنسان كما يبرك البعير معناه: النهي أن يبرك على ركبتيه.

ولكن من تأمل الحديث وجد أنه لا يدل على هذا، فالنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يقل: (فلا يبرك على ما يبرك عليه البعير) ، فلو قال: (لا يبرك على ما يبرك عليه البعير) لقلنا: نعم، لا تبدأ بالركبتين قبل؛ لأن الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى عنه، ولكنه قال: "فلا يبرك كما يبرك البعير". فجعل النهي منصباً على الهيئة، ولاشك أن البعير ينزل مقدم جسمه قبل مؤخره فيهبط على يديه وهذا شيء معلوم لمن شاهده وتأمله، وقد بحث ابن القيم – رحمه الله – هذا في كتابه: "زاد المعاد" (٢) بحثاً وافياً شافياً، وبين أن آخر الحديث "وليضع يديه قبل ركبتيه"


(١) حديث أبي هريرة رواه أبو داود، وتقدم ص١٧٠.
(٢) زاد المعاد ١/٢١٥ – ٢٢٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>