للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ركبتيه، لأن الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يقل: (فلا يبرك على ما يبرك عليه البعير) ؛ لأنه لو قال ذلك، قلنا: نعم، إذاً لا تبرك على الركبتين لأن البعير يبرك على ركبتيه لكنه قال: "فلا يبرك كما يبرك البعير" فالنهي إذن عن الصفة لا عن العضو الذي يسجد عليه الإنسان ويخر عليه، والأمر في هذا واضح جداً لمن تأمله، فلا حاجة إلى أن نتعب أنفسنا وأن نقول: إن ركبتي البعير في يديه وإنه يبرك عليهما لأننا في غنى عن هذا الجدل، حيث إن النهي ظاهر في أنه نهي عن الصفة لا عن العضو الذي يسجد عليه.

ولهذا قال ابن القيم – رحمه الله – في زاد المعاد: إن قوله في آخر الحديث: "وليضع يديه قبل ركبتيه" منقلب على الراوي؛ لأنه لا يتطابق مع أول الحديث، وإذا كان لا يتطابق مع أول الحديث فإننا نأخذ بالأصل لا بالمثال، فإن قوله: "وليضع يديه قبل ركبتيه" هذا على سبيل التمثيل والتفريغ، وحينئذ إذا أردنا أن نرده إلى أصل الحديث صار صوابه: "وليضع ركبتيه قبل يديه".

فيخر على ركبتيه ثم يديه ثم جبهته وأنفه، ويسجد على سبعة أعضاء، لقول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أمرت أن أسجد على سبعة أعظم: على الجبهة – وأشار بيده إلى أنفه – ليبين أن الأنف من الجبهة، واليدين والركبتين، وأطراف القدمين" (١) .

فيسجد المصلي على هذه الأعضاء وينصب ذراعيه فلا يضعهما على الأرض (٢) ولا على ركبتيه بل ينصبهما ويجافي


(١) متفق عليه وتقدم تخريجه في ص٣٠٨.
(٢) لحديث البراء بن عازب رضي الله عنه أن الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "إذا سجدت فضع كفيك ورافع مرفقيك". رواه مسلم في الصلاة باب ٤٥: الاعتدال في السجود ح٢٣٤ (٤٩٤) .

<<  <  ج: ص:  >  >>