للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأجاب فضيلته بقوله: كان النبي عليه الصلاة والسلام أحياناً يصلي بعد الوتر ركعتين جالساً، فاختلف العلماء في تخريج هذا، مع قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وتراً" (١) .

فقال بعض العلماء: نأخذ بقول الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأما فعله فهو خاص به؛ لأننا إذا واجهنا الله عز وجل يوم القيامة وقلنا، إننا نصلي ركعتين بعد الوتر، لأن نبيك صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلاها سيقول الله عز وجل: ألم يقل لك نبيي: اجعل آخر صلاتك بالليل وتراً؟ ولم يقل صل ركعتين بعد الوتر وأنت جالس؟ فلماذا لم تتبع القول، فقد يكون الفعل خاصاً بالرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وعلى هذا التقدير ليس هناك إشكال، فهاتان الركعتان ليستا تشريعاً للأمة، بل هما من خصائص النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

وقال بعض العلماء: إن هاتي الركعتين لا تنافيان قول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وتراً" لأن هاتين الركعتين للوتر بمنزلة الراتبة للفريضة، فهما دون الوتر مرتبة، ولهذا كان صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصليهما جالساً لا قائماً، وعلى هذا فلا يكون في الحديث مخالفة لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وتراً"، وهذا هو الذي ذهب إليه ابن القيم وجماعة من أهل العلم، فاعمل بذلك أحياناً.

٧٦٥ سئل فضيلة الشيخ: هل الركعة بعد صلاة العشاء تعد وتراً؟ أي بعد الركعتين الأخيرتين، وهل تكون جهراً أو سراً؟


(١) متفق عليه وتقدم تخريجه ص١١٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>