للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى) (فصلت: ١٧) . ومعنى هديناهم:

أي بينا لهم الطريق وأبلغناهم العلم، ولكنهم – والعياذ بالله – استحبوا العمى على الهدى.

ومن الهداية التي هي العلم وبيان الحق قول الله تبارك وتعالى للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) (الشورى: ٥٢) . ومعنى تهدي:

أي تدل وتبين، وتعلم الناس الصراط المستقيم.

وأما الهداية التي بمعنى التوفيق، فمثل قول المصلي (اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ) (الفاتحة: ٦) .

فعندما نقول: (اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ) هل أنت تسأل الله علماً بلا عمل، أو عملاً بلا علم، أو علماً وعملاً؟

الجواب: ينبغي للإنسان إذا دعا الله بقول: "أهدنا الصراط المستقيم" أن يستحضر أنه يسأل ربه العلم والعمل.

فالعلم الذي هو الإرشاد، والعمل هو التوفيق، وهذا فيما أظن – والعلم عند الله – أنه يغيب عن بال كثير من الناس عندما يقول: (اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ) .

وقوله تعالى للرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) .

هذه هداية إرشاد وبيان. لكن قوله تعالى: (إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ) (القصص: ٥٦) . فهذه الهداية هداية التوفيق للعمل، فالرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يستطيع أن يوفق أحداً للعمل الصالح أبداً ولو كان يستطيع ذلك لاستطاع أن يهدي عمه أبا طالب، وقد حاول معه حتى

<<  <  ج: ص:  >  >>