للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحمد إن القنوت خاص بإمام المسلمين دون غيره إلا من وكل إليه الإمام ذلك فإنه يقنت؛ يعني أنهم لا يرون القنوت لكل إمام مسجد ولكل مصل وحده؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام إنما قنت ولم يأمر أمته بالقنوت، ولم يرد أن مساجد المدينة كانت تقنت في ذلك الوقت الذي كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقنت فيه.

ولكن القول الراجح: أنه يقنت الإمام العام الذي هو رئيس الدولة، ويقنت أيضاً غيره من أئمة المساجد، وكذلك من المصلين وحدهم، إلا أني أحب أن يكون الأمر منضبطاً بحيث لا يعن لكل واحد من الناس أن يقوم فيقنت بمجرد أن يرى أن هذه نازلة وهي قد تكون نازلة في نظره دون حقيقة الواقع، فإذا ضبط الأمر وتبين أن هذه نازلة حقيقية تستحق أن يقنت المسلمون لها ليشعروا المسلم بأن المسلمين في كل مكان أمة واحدة، يتألم المسلم لأخيه ولو كان بعيداً عنه، ففي هذه الحال نقول: إنه يقنت كل إمام، وكل مصل ولو وحده.

وأما عدم أمر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بذلك فإن فعله عليه الصلاة والسلام سنة يقتدى بها، ونحن مأمورون بالاقتداء به، قال الله تعالى: (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً) (الأحزاب: ٢١) . فإذا فعل فعلاً يتعبد به لله عز وجل فإننا مأمورون أن نفعل مثل فعله بمقتضى هذه الآية الكريمة وغيرها من الآيات الدالة على أنه إمامنا وقدوتنا وأسوتنا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لكن المهم عندي أن تكون الأمور منضبطة، وأن لا يذهب كل إنسان إلى رأيه بدون مشاورة أهل العلم ومن لهم النظر في هذه الأمور؛ لأن الشيء

<<  <  ج: ص:  >  >>