للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما رأى بهم من الفاقة، وفيه أنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حث الناس على الصدقة ولو بشق تمرة، فتصدق الناس حتى اجتمع عنده كومان من طعام وثياب، فتهلل وجه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كأنه مذهبة، فقال: "من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها بعده من غير أن ينقص من أجورهم شيء". الحديث رواه مسلم (١) . وفي رواية له أنه حث الناس على الصدقة فأبطأوا عنه حتى رؤي ذلك في وجهه قام ثم إن رجلاً من الأنصار جاء بصرة من ورق ثم جاء آخر ثم تتابعوا حتى عرف السرور في وجهه فقال: "من سن في الإسلام سنة حسنة" الحديث (٢) . وفي رواية ثالثة عن جرير قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا يسن عبد سنة صالحة يعمل بها بعده" ثم ذكر تمام الحديث (٣) .

ومن المعلوم من سياق الحديث أن الصحابة – رضي الله عنهم – لم يأتوا بشرع جديد، أو عبادة جديدة سنوها من عند أنفسهم، وإنما أتوا بما أمرهم به النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من الصدقة وحثهم عليه. والرواية الثانية تدل بوضوح على أن المراد بالسنة المذكورة سنة العمل والسبق إلى تنفيذ ما أمر به الشارع حيث أبطأ الناس حتى جاء الأنصاري بصدقته فتتابع الناس في ذلك فكان الأنصاري الذي سبق إلى الصدقة هو الذي سن هذه السنة الحسنة، وإنما كانت حسنة لأمر الشارع بها، ويدل على ذلك لفظ الرواية الثالثة: "لا يسن عبد سنة


(١) في الزكاة باب: الحث على الصدقة ح٦٩ (١٠١٧) .
(٢) رواها أحمد ٤/٣٦١ (١٩٥٣) .
(٣) رواها أحمد ٤/٣٦١ (١٩٥٧) .

<<  <  ج: ص:  >  >>