للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وفي الثاني ثقة فقط، وهذا من المرجحات كما في علم مصطلح الحديث.

هذا ولو فرض أن حديث يزيد بن رومان في الثلاث والعشرين ثابت عن عمر، وسالم عن العلة والمعارضة فإنه لا يمكن أن يرجح على العدد الذي واظب عليه النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولم يزد عليه في رمضان ولا غيره. لقوله تعالى: (فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً) (النساء: ٥٩) . فأوجب الله الرد عند النزاع إلى الله يعني كتابه، وإلى رسوله في حياته وسنته بعد وفاته، وأخبر سبحانه أن هذا خير وأحسن تأويلاً – أي عاقبة -.

وقال تعالى: (فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً) (النساء: ٦٥) . فجعل الله التحاكم إلى الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيما شجر بين الناس من النزاع من مقتضيات الإيمان، ونفي الإيمان نفياً مؤكداً بالقسم عمن لم يحكم الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ويطمئن إلى حكمه، وينقاد له انقياداً تاماً.

وكان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يعلن في خطبة الجمعة فيقول: "أما بعد، فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ" (١) ، وهذا أمر مجمع عليه إجماعاً قطعياً بين المسلمين أن خير الهدي هدي محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأن هديه خير من هدي كل أحد كائناً من كان، بل إن كان في هدي أحد خير فما هو إلا من هدي النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

وكان الصحابة – رضي الله عنهم – يحذرون غاية التحذير من


(١) رواه مسلم، وتقدم تخريجه ص٢١٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>