للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأيضاً فإن القائلين بتأثير نية الإقامة يقولون: إنها تمنع القصر والفطر, ورخص السفر, ولا تعطي المقيم حقاً في انعقاد الجمعة به وتوليه إمامتها وخطابتها, ولهذا قالوا: لا يصح أن يكون إماماً في الجمعة في مكان إقامته, ولا خطيباً فيها, ولا يحسب من العدد المعتبر لها.

ومقتضى النظر الصحيح أن تطرد القاعدة في حقه لئلا يحصل التناقض.

وأما القياس فمن وجهين:

أحدهما: أن يقال فرق بين رجلين كلا هما قدم البلد متى ينتهي والثاني لا يعرف؟! فنقول: للأول لا تترخص برخص السفر إذا علمت أنه لا ينتهي إلا بعد كذا وكذا من الأيام, ونقول للثاني: لك أن تترخص وإن أقمت سنين حتى وإن ظننت أنه لا ينتهي إلا بعد تمام المدة على القول الذي حكاه في الإنصاف عن الكافي ومختصر أبي تميم.

فإن قلت: الفرق أن الأول حدد مدة إقامته بخلاف الثاني.

فالجواب: أن تحديد المدة لا أثر له في نية قطع السفر؛ لأن السبب فيهما واحد وهو الإقامة لانتظار انتهاء الغرض, لكن الأول حدد مدة إقامته باعتبار طبيعة الغرض, ربما تحدث له موانع يتأخر بها عن الوقت المحدد, وربما تجدد له أسباب يتقدم بها, وقد سبق لك أن النبي صلي الله عليه وسلم أقام إقامة محددة في حجة الوداع فقصر, وأقام أطول منها في غزوة الفتح, وتبوك فقصر؛ لأن العلة في الإقامتين

<<  <  ج: ص:  >  >>