للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّه) . فإذا كان الله تعالى قد أباح القصر للضاربين في الأرض, ومنهم التجار الذين يبتغون من فضل الله, وهو يعلم سبحانه أن من الضاربين التجار من يمكث في البلاد عدة أيام لطلب التجارة, أو عرضها

والواقع شاهد بذلك, ولم يخصص في جواز القصر ضارباً من ضارب علم أن الحكم عام, ولو كان ثمة حال تخرج من هذا العموم لبينها الله ورسوله, لأن الله تعالى بفضله ورحمته أوجب على نفسه البيان في قوله: (إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَى) (الليل:١٢) وقوله: (فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ) (القيامة, الآيتان:١٨,١٩) وهذا البيان شامل لبيان لفظه وبيان معناه, ولو كان الله ورسوله قد بين ذلك لنقل إلينا؛ لأن الله تعالى تكفل بحفظ القرآن كما قال تعالى: (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) (الحجر:٩)

وهو شامل لحفظ لفظه, وما يتضمنه من أخبار وأحكام؛ ولأن الحاجة داعية إلى نقل ذلك لكثرة ذلك من الضاربين في الأرض.

وأما السنة: فقد ثبت في صحيح البخاري عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أن النبي صلي الله عليه وسلم (أقام بمكة تسعة عشر يوماً) - يعني عشرين يوماً إلا يوماً - (١) يقصر الصلاة) .

وفيه عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال (خرجنا مع النبي صلي الله عليه وسلم من المدينة إلى مكة, فكان يصلي ركعتين ركعتين, حتى رجعنا إلى المدينة, فسئل: أقمتم بمكة شيئاً؟ قال أقمنا بها

<<  <  ج: ص:  >  >>