للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الناس، والتي خدعنا بها أعدائنا؛ لأنهم يعلمون أن الأمة الإسلامية إذا لم يكن لها هم إلا بطنها وفرجها فإنها تضيع وتبقى هائمة على وجهها، لا يخاف منها أحد، لكن لو أن الأمة الإسلامية أخذت بتعاليم الدين وأخذت بجدية الدين، وأخذت بالعمل المثمر النافع لهابها أعدائها، ولقد قدم أبو سفيان إلى الشام لتجارته بين صلح الحديبية وفتح مكة، ولما سمع بهم هرقل وكان رجلاً ذكيًّا وليس بعاقل لكنه ذكي لما سمع بهم دعاهم ليسألهم عن نبينا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عما يدعو إليه، وعن سيرته، وعن أتباعه، فجعل يسأل أبا سفيان أسئلة عارف بالنبوات، فسأله عن نبينا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن دعوته وخلقه، وسيرته، وأصحابه، ثم قال بعد ذلك: «إن كان ما تقوله حقًّا فسيملك ما تحت قدمي هاتين، ولو أرجو أن أخلص إليه لتجشمت لقاءه، ولو كنت عنده لغسلت قدميه» من يقوله؟ يقوله هرقل ملك الروم التي تعتبر في ذلك اليوم أعظم دولة، يقول: «إن كان حقًّا ما تقوله فسيملك ما تحت قدمي هاتين» . ولما خرج أبو سفيان قال لأصحابه: لقد أمِرَ أمْرُ ابنِ أبي كَبْشَة يعني النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأنهم يكنونه بهذه الكنية تعييراً له. (لقد أمِرَ أمْرُ ابنِ أبي كبشَةَ إنه ليخافه ملك بني

الأصفر) وصحيح عظم أمر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حيث كان يخافه ملك بني الأصفر ملك الروم، ومع هذا لم تمض إلا سنوات غير كثيرة حتى ملكت أمة محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ما تحت قدمي هرقل، ملكت ذلك بدين محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا بقوتها، ولا

<<  <  ج: ص:  >  >>