للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

شرع الله ما ليس منه قطعاً، إذ لو كان هذا هو المراد لكان مناقضاً لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "كل بدعة ضلالة"، ولكانت الأمة تختلف في دينها كل حزب بما لديهم فرحون، ولحق عليها قول الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ وَكَانُواْ شِيَعًا لَّسْتَ مِنْهُمْ فِى شَىْءٍ إِنَّمَآ أَمْرُهُمْ إِلَى اللهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ} .

والمراد بالحديث: "من سن في الإسلام" أحد أمرين قطعاً:

١ فإما أن يراد به من سبق إلى العمل بسنة ثبتت مشروعيتها، ويدل لذلك سبب الحديث، فإن سببه كما في صحيح مسلم في باب الحث على الصدقة عن جرير بن عبد الله رضي الله عنه أن قوماً من مضر أتوا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حفاة عراة، مجتابي النِّمار أو العباء، فتمعَّر وجه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما رأى ما بهم من الفاقة، وفيه: فجاء رجل من الأنصار بصرة كادت كفه تعجز عنها، بل قد عجزت، قال: ثم تتابع الناس حتى رأيت كومين من طعام وثياب حتى رأيت وجه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يتهلل كأنه مُذْهَبَةٌ فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "من سنَّ في الإسلام سنة حسنة فله أجرها، وأجر من عمل بها بعده، من غير أن ينقص من أجورهم شيء".

٢ وأما أن يراد به إعادة سنة مشروعة بعد تركها، ومن ذلك قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "نعمت البدعة هذه" يعني إقامة الجماعة في قيام رمضان، وعلى هذا يكون معنى قوله: "من سن" أي من أحيا سنة بعد أن تركت.

<<  <  ج: ص:  >  >>