للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بذلك، أو رضي به.

والحديث على ظاهره أن الميت يعذب ببكاء أهله عليه، ولكنه ليس عذاب عقوبة؛ لأنه لم يفعل ذنباً حتى يعاقب عليه، لكنه عذاب تألم وتضجر من هذا البكاء، لأنه يعلم بذلك فيتألم ويتضجر، والتألم والتضجر لا يلزم منه أن يكون ذلك عذاب عقوبة. ألا ترى إلى قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في السفر: "إنه قطعة من العذاب" وليس السفر عقوبة ولا عذاب، لكنه هم واستعداد وقلق نفسي، فكذلك عذاب الميت في قبره من هذا النوع؛ لأنه يحصل به تألم وقلق وتعب، وإن لم يكن ذلك عقوبة ذنب.

* * *

سئل فضيلة الشيخ رحمه الله تعالى: ما معنى قول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إن الميت ليعذب ببكاء أهله عليه"؟

فأجاب فضيلته بقوله: معناه أن الميت إذا بكى أهله عليه فإنه يعلم بذلك ويتألم، وليس المعنى أن الله يعاقبه بذلك لأن الله تعالى يقول: {وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَإِن تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَى حِمْلِهَا لاَ يُحْمَلْ مِنْهُ شَىْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى إِنَّمَا تُنذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ وَأَقَامُواْ الصلاةَ وَمَن تَزَكَّى فَإِنَّمَا يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ وَإِلَى اللهِ الْمَصِيرُ} . والعذاب لا يلزم أن يكون عقوبة ألم تر إلى قول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إن السفر قطعة من العذاب" والسفر ليس بعقوبة، لكن يتأذى به الإنسان ويتعب، وهكذا الميت إذا بكى أهله عليه فإنه يتألم ويتعب من ذلك، وإن كان هذا ليس بعقوبة من الله عز وجل له، وهذا التفسير للحديث تفسير واضح

<<  <  ج: ص:  >  >>