للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والحكمة من جعله من أمور الغيب هو:

أولاً: أن الله سبحانه وتعالى أرحم الراحمين فلو كنا نطلع على عذاب القبور لتنكد عيشنا، لأن الإنسان إذا اطلع على أن أباه أو أخاه، أو ابنه، أو زوجه، أو قريبه يعذب في القبر ولا يستطيع فكاكه، فإنه يقلق ولا يستريح وهذه من نعمة الله سبحانه.

ثانياً: أنه فضيحة للميت، فلو كان هذا الميت قد ستر الله عليه ولم نعلم عن ذنوبه بينه وبين ربه عز وجل ثم مات وأطلعنا الله على عذابه، صار في ذلك فضيحة عظيمة له ففي ستره رحمة من الله بالميت.

ثالثاً: أنه قد يصعب على الإنسان دفن الميت كما جاء عن النبي عليه الصلاة والسلام: "لولا أن لا تدافنوا لدعوت الله أن يسمعكم من عذاب القبر". ففيه أن الدفن ربما يصعب ويشق ولا ينقاد الناس لذلك، وإن كان من يستحق عذاب القبر عذب ولو على سطح الأرض، لكن قد يتوهم الناس أن العذاب لا يكون إلا في حال الدفن فلا يدفن بعضهم بعضاً.

رابعاً: أنه لو كان ظاهراً لم يكن للإيمان به مزية؛ لأنه يكون مشاهداً لا يمكن إنكاره، ثم إنه قد يحمل الناس على أن يؤمنوا كلهم لقوله تعالى: {فَلَمَّا رَأَوْاْ بَأْسَنَا قَالُو?اْءَامَنَّا بِاللهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ} فإذا رأى الناس هؤلاء المدفونين وسمعوهم يتصارخون لا?منوا وما كفر أحد لأنه أيقن بالعذاب، ورآه رأي العين

<<  <  ج: ص:  >  >>