للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تبين أن عقيدتهم سليمة، وطريقتهم مستقيمة فإن لهم حالين:

الحال الأولى: أن يكونوا متفرغين للفقه في الدين والدعوة، فهؤلاء لهم حق من الزكاة، فيعطون منها ما يقوم بكفايتهم من حوائجهم الخاصة، ومما تتطلبه الدعوة إلى الدين ونشره، ويتبين ذلك بالأصول التالية:

الأصل الأول: أن الدين الإسلامي قام على الجهاد باللسان واليد، وكل مدة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في مكة وقيام الإسلام بالجهاد باللسان ونشر محاسنه والدعوة إليه بما تقتضيه الحال في ذلك الوقت. قال الله تعالى: {ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِى هِىَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} فإذا كان قيام الإسلام بجهاد اللسان تارة، وجهاد السلاح تارة، وكان كل منهما دعامة لنشره والدعوة، فإن ما جاز دفعه من الأموال الشرعية في أحدهما جاز دفعه في الآخر.

الأصل الثاني: أن الله جعل التفقه في الدين والإنذار به قسيماً للجهاد وعدلاً له، قال الله تعالى: {وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُواْ كَآفَّةً فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَآئِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِى الدِّينِ وَلِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُو"اْ إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ} وهذا دليل على مكانة التفقه في الدين المثمر للإنذار به والدعوة إليه، وأنه يعادل الجهاد في سبيل الله فمن أجل ذلك ينبغي أن يكون داخلاً في قوله: {وَفِى سَبِيلِ اللهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} وقد ذكر فقهاؤنا رحمهم الله أنه إذا تفرغ شخص للعلم أعطي من الزكاة ما يقوم بكفايته، وإن كان قادراً على التكسب إذا كان التكسب يمنعه من تحصيل العلم المطلوب، بخلاف من تفرغ للعبادة فلا يعطى إذا كان قدراً على التكسب.

<<  <  ج: ص:  >  >>