للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

متلاعب، نعرف أنه غير متلاعب لكن أصيب بجوائح أفقدته المال، فإن بعض الأغنياء الذين يدينونه لا يرحمونه والعياذ بالله فيشكونه حتى يسجن، ويحرم من أهله، ويبقى مدة طويلة في السجن، هم لا يستفيدون، وهو أيضاً لا يستفيد، مع كونهم قد عصوا خالقهم الذي رزقهم المال. ولعلهم في يوم من الأيام يفتقرون كما افتقر ويلاقون ربهم فيعاقبهم، لأن الله تعالى يقول: {وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَن تَصَدَّقُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ} .

وأنا لا أدري أين يذهب التجار الذين يحبسون هؤلاء الفقراء، الذين نعلم أنهم لم يتلاعبوا، ولم يفسدوا أموال الناس، ولكن أصيبوا بجوائح، كسحت أموالهم، كرخص الأسعار، أو تلف الأموال ثم يحبسونهم، فما الفائدة من الحبس؟!

فهل إذا حبس تنزل عليه الدراهم من السماء؟ لا، فإذا كان طليقاً ربما يحصل باستجداء الناس، أو بالعمل، أو بالاتجار أو ما أشبه ذلك.

ولكن إذا حبس ما الفائدة إلا ضياع أهله وأولاده، وانحباس حريته مع أن هؤلاء ظلمة، والله سيعذبون يوم القيامة إن لم يعف الله عنهم؛ لأن الله قال: {وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَن تَصَدَّقُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ} .

وانظر إلى هذه الجملة كيف جاءت بهذه الصيغة {فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَن تَصَدَّقُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ} وحذف الخبر ليكون أول ما يقع على السمع الإنظار، ولم يقل: فعليهم نظرة، بل قال: {فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَن تَصَدَّقُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ} . يعني فشأنهم النظرة يعني الانتظار إلى ميسرة، ليس لهم شأن سوى هذا، ومع ذلك

<<  <  ج: ص:  >  >>