للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السفر، ففي حديث جابر السابق أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما أفطر حين شق الصوم على الناس قيل له: إن بعض الناس قد صام، فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أولئك العصاة، أولئك العصاة» (١) .

وعن جابر أيضا «أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان في سفر، فرأى زحاما ورجلا قد ظُلِّل عليه، فقال: " ما هذا؟ " قالوا: صائم. فقال: " ليس من البر الصيام في السفر» (٢) ، وإذا سافر الصائم في أثناء اليوم وشق عليه إكمال صومه جاز له الفطر إذا خرج من بلده؛ لأن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صام وصام الناس معه حتى بلغ كراع الغميم، فلما بلغه أن الناس قد شق عليهم الصيام أفطر وأفطر الناس معه، وكراع الغميم جبل أسود في طرف الْحَرَّة يمتد إلى الوادي المسمى بالغميم بين عُسْفان ومَرِّ الظَّهْران.

وإذا قدم المسافر إلى بلده في نهار رمضان مفطرا لم يصح صومه ذلك اليوم؛ لأنه كان مفطرا في أول النهار، والصوم الواجب لا يصح إلا من طلوع الفجر، ولكن هل يلزمه الإمساك بقية اليوم؟ اختلف العلماء في ذلك فقال بعضهم: يجب عليه أن يمسك بقية اليوم احتراما للزمن، ويجب عليه القضاء أيضا لعدم صحة صوم ذلك اليوم، وهذا المشهور من مذهب أحمد رحمه الله، وقال بعض العلماء: لا يجب عليه أن يمسك بقيه ذلك اليوم؛ لأنه لا يستفيد من هذا الإمساك شيئا لوجوب القضاء عليه، وحرمة الزمن قد زالت بفطره المباح له أول النهار ظاهرا وباطنا، قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه:


(١) رواه مسلم.
(٢) متفق عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>