للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليه بالأكل والشرب جاز له الفطر، بل وجب الفطر حينئذ لأن إنقاذ المعصوم من الهلكة واجب، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، ويلزمه قضاء ما أفطره.

ومثل ذلك من احتاج إلى المطر للتَّقَوِّي به على الجهاد في سبيل الله في قتاله العدو فإنه يفطر ويقضي ما أفطر سواء كان ذلك في السفر أم في بلده إذا حضره العدو؛ لأن في ذلك دفاعا عن المسلمين وإعلاء لكلمة الله عز وجل، وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: «سافرنا مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى مكة ونحن صيام فنزل منزلا فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إنكم قد دنوتم من عدوكم والفطر أقوى لكم "، فكانت رخصة فَمِنَّا من صام ومنا من أفطر، ثم نزلنا منزلا آخر فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إنكم مُصَبِّحو عدوكم والفطر أقوى لكم فأفطروا "، وكانت عزمة فأفطرنا» (١) . ففي هذا الحديث إيماء إلى أن القوة على القتال سبب مستقل غير السفر؛ لأن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جعل علة الأمر بالفطر القوة على قتال العدو دون السفر، ولذلك لم يأمرهم بالفطر في المنزل الأول.

وكل من جاز له الفطر بسبب مما تقدم فإنه لا يُنكَر عليه إعلان فطره إذا كان سببه ظاهرا كالمريض والكبير الذي لا يستطع الصوم، وأما إن كان سبب فطره خفيا كالحائض ومن أنقذ معصوما من هلَكة فإنه يفطر سرا ولا يعلن فطره لئلا يجر التهمة إلى نفسه، ولئلا يغتر به الجاهل فيظن أن الفطر جائز بدون عذر.


(١) رواه مسلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>