للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُؤَزَّرا منصورا قد طأطأ رأسه تواضعا لله عز وجل حتى إن جبهته تكاد تمس رحله وهو يقرأ: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا} [الفتح: ١] ، ويُرَجِّعها، وبعث صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على إحدى الْمُجَنِّبتين خالدَ بن الوليد وعلى الأخرى الزبيرَ بن العوام وقال: " من دخل المسجد فهو آمن ومن دخل دار أبي سفيان فهو آمن، ومن دخل بيته وأغلق بابه فهو آمن "، ثم مضى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حتى أتى المسجد الحرام فطاف به على راحلته، وكان حول البيت ستون وثلاثمائة صنم، فجعل صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يطعنها بقوس معه ويقول: {وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا} [الإسراء: ٨١] ، {قُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَمَا يُبْدِئُ الْبَاطِلُ وَمَا يُعِيدُ} [سبأ: ٤٩] (١) ، والأصنام تتساقط على وجوهها، ثم دخل صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الكعبة فإذا فيها صور فأمر بها فمُحِيَت ثم صلى فيها، فلما فرغ دار فيها وكبر في نواحيها ووحد الله عز وجل ثم وقف على باب الكعبة وقريش تحته ينتظرون ما يفعل، فأخذ بعِضادتي الباب

وقال: " لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، صدق وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده، يا معشر قريش إن الله قد أذهب عنكم نخوة الجاهلية وَتَعَظُّمَهَا بالآباء، الناس من آدم وآدم من تراب {يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} [الحجرات: ١٣] , يا معشر قريش ما تظنون أني فاعل بكم؟ قالوا: خيرا، أخ كريم، وابن أخ كريم، قال: " فإني أقول لكم كما قال يوسف لإخوته: {لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم} [يوسف: ٩٢] ,


(١) رواه مسلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>