للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من الشهوات، وربما يكون على المعاصي، فأين العبادة، ولذلك نقول: الاستنابة في الحج إن كانت عن فريضة والمنيب لا يستطيع أن يقوم بها على وجه لا يرجي زواله، فهذا لا بأس به، لأن امرأة

سألت النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم عن أبيها وكان شيخاً كبيراً أدركته فريضة الحج، فقالت: يا رسول الله أفأحج عنه؟ قال: "نعم " وهذا واضح لعجزه، وكذلك لو كان ميتاً ولم يحج

وأراد أحد أن يحج عنه فلا بأس، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - سألته امرأة فقالت: يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إن أمي نذرت أن تحج فلم تحج حتى ماتت قال: "حجي عنها" (١) .

أما الاستنابة في النفل ففي ذلك روايتان عن الإمام أحمد: - رحمه الله- إحداهما: أن ذلك جائز، والثانية: أن ذلك ليس بجائز، وفرق بينها وبين الفريضة، بأن الفريضة لابد من فعلها: إما بنفس الإنسان أو بنائبه. وأما النافلة فلا، فتهاون الناس الآن في النيابة في الحج أمر ليس من عادة السلف، ولا كانوا يتجاسرون على هذه النيابة على هذا الوجه، ثم إن بعض الناس ينوب في بعض أفعال الحج مثل بعض الناس يوكل من يرمي عنه وهو قادر على الرمي، تجده جالساً في الخيمة مع أصحابه يتحدث وكأنه في نزهة، ويقول: يا فلان خذ حصاي وارمي عني. أين العبادة؟ فالحج عبادة، ليمس مجرد أفعال تفعل، عبادة يتقرب بها الإنسان إلى ربه عز وجل، ولذلك كان الحج المبرور ليمس له جزاء إلا الجنة، فلا ينبغي الإكثار من الاستنابات، ولكن خير من ذلك


(١) أخرجه البخاري، كتاب جزاء الصيد، باب الحج والنذور عن الميت (رقم ١٨٥٢) .

<<  <  ج: ص:  >  >>