للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنهم من قال: لا يحج عنه، وأنه لو حج عنه ألف مرة لم تقبل.

يعني لم تبرأ بها ذمته، وهذا القول هو الحق، لأن هذا الرجل ترك عبادة واجبة عليه مفروضة على الفور بدون عذر، فكيف يذهب عنها، ثم نلزمها إياها بعد الموت، ثم التركة الآن تعلق بها حق

الورثة، كيف نحرمهم من ثمن هذه الحجة وهي لا تجزىء عن صاحبها، وهذا هو ما ذكره ابن القيم- رحمه الله- في تهذيب السنن، وبه أقول: إن من ترك الحج تهاوناً مع قدرته عليه لا يجزىء عنه الحج أبداً، لو حج عنه الناس ألف مرة، أما الزكاة فمن العلماء من قال: إذا مات وأديت الزكاة عنه أبرأت الذمة، ولكن القاعدة التي ذكرتها تقتضي ألا تبرأ ذمته من الزكاة، لكني أرى أن تخرج الزكاة من التركة، لأنه تعلق بها حق الفقراء والمستحقين للزكاة، بخلاف الحج، فلا يؤخذ من التركة، لأنه لا يتعلق به حق إنسان، والزكاة يتعلق بها حق الإنسان، فتخرج الزكاة لمستحقيها، ولكنها لا تجزىء عن صاحبها، سوف يعذب بها عذاب من لم يزك، نسأل الله العافية، كذلك الصوم إذا علم أن

هذا الرجل ترك الصيام وتهاون في قضائه، فإنه لا يقضى عنه، لأنه تهاون وترك هذه العبادة، التي هي ركن من أركان الإسلام بدون عذر، فلو قضي عنه لم ينفعه، وأما، قوله - صلى الله عليه وسلم -: " من مات وعليه صيام صام عنه وليه " (١) فهذا فيمن لم يفرط، وأن من ترك القضاء جهراً وجهاراً بدون عذر شرعي فما الفائدة أن نقضي عنه.


(١) أخرجه البخاري، كتاب الصوم، باب من مات وعليه صوم (رقم ١٩٥٢) ، ومسلم، كتاب الصيام، باب قضاء الصيام عن الميت (رقم ١١٤٧) .

<<  <  ج: ص:  >  >>