للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: "إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاثة: إلا من صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له " فذكر الولد الصالح الذي يدعو له، ولم يقل: أو ولد صالح يتصدق له، أو يصلي له، أو يحج له، أو يصوم له، أو ما أشبه ذلك من الأعمال الصالحة، مع أن الحديث في سياق العمل، فلما عدل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن ذكر العمل للميت بالدعاء، علم أن الدعاء هو المختار وهو الأفضل، ولهذا فإني أنصح إخواني المسلمين أن يحرصوا على الدعاء لأمواتهم، بدلا عن إهداء القربة لهم، وأن يجعلوا القربة لأنفسهم، لأن الحي محتاج إلى العمل الصالح، فإنه ما من ميت يموت إلا ندم، إن كان محسناً أن لا يكون ازداد، ِ وإن كان مسيئاً ندم ألا يكون استغفر قال الله تعالى: (حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ (٩٩) لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ) (١) وقال الله عز وجل: (وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ (١٠) وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (١١)) (٢) فأنت أيها الحي محتاج إلى العمل الصالح، فاجعل العمل لنفسك وادع لأمواتك من

الآباء، والأمهات، والأخوان، والأخوات، وغيرهم من المسلمين، هذا هو الذي تدل عليه سنة الرسول - صلى الله عليه وسلم -، ولكن مع هذا لو أن الإنسان تصدق عن ميت، أو صام عنه، أو صلى، وقصد بأن يكون الثواب للميت فلا بأس بذلك إذا تبرع به.


(١) سورة المؤمنون، الآيتان: ٩٩، ١٥٥.
(٢) سورة المنافقون، الآيتان: ١٠، ١١.

<<  <  ج: ص:  >  >>