للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأجاب فضيلته بقوله: أحسن ما يبر به الوالدان ما أرشد إليه النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهو الدعاء لهما، والاستغفار لهما وإكرام صديقهما، وصلة الرحم التي لا صلة لك فيها إلا بهما. هذه هي التي نص عليها الرسول - صلى الله عليه وسلم - حين سأله السائل: فقال يا رسول الله: هل عليَّ من بر أبوي شيء بعد موتهما؟ فأجابه بذلك، وأما الحج عنهما والأضحية عنهما والصدقة عنهما فهي جائزة لاشك، ولا نقول: إنها حرام، لكنها مفضولة، إذ إن الدعاء لهما أفضل من هذا،

واجعل هذه الأعمال التي تريد أن تجعلها لوالديك اجعلها لنفسك، حج أنت بنفسك، تصدق لنفسك، ضحِّ لنفسك وأهلك، ابذل في المساجد والجهاد في سبيل الله لنفسك، لأنك سوف تكون محتاجاً إلى العمل الصالح كما احتاج إليه الوالدان، والوالدان قد أرشدك النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى ما هو أنفع وأفضل. هل تظنون أن الرسول عليه الصلاة والسلام غاب عنه أن الأفضل أن تحج وتتصدق؟

أبدًا لا نعتقد أن الرسول غاب عنه ذلك، فلنعلم أن الرسول اختار هذه الأشياء الأربعة: الدعاء، والاستغفار، وإكرام الصديق، وصلة الرحم، لأنها هي البر حقيقة، ولهذا صح عنه أنه قال: "إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث: إلا من صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له " (١) لم يقل: أو ولد صالح يتصدق عنه، أو يضحي عنه، أو يحج عنه، أو يصوم عنه، مع أن الحديث عن الأعمال، فعدل النبي عليه الصلاة


(١) تقدم ص ١٥٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>