للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدليل؟ إن المفتي بلا علم وليس عنده دليل حتى لو أصاب فقد أخطأ لقول الله تبارك وتعالى: (قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (٣٣)) (١) والقول على الله بلا علم يشمل

القول عليه في ذاته وأسمائه وصفاته وأحكامه، وقال الله تعالى: (وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا (٣٦)) (٢) وقال تعالى: (فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ) (٣) وفي الحديث: "أجرؤكم على الفتيا

أجرؤكم على النار" (٤) وكان السلف- رحمهم الله- يتباعدون الفتيا حتى تصل إلى من يتعين عليه الإجابة، وإني أقول لهؤلاء الذين يريدون أن يسبقوا إلى السؤدد والإمامة أقول لهم: اصبروا

فإن كان الله قد أراد بكم خيراً ورفعة حصلتم ذلك بالعلم، وإن كانت الأخرى فإن جرأتكم على الفتيا بلا علم لا تزيدكم إلا ذلا بين العباد وخزيًا يوم المعاد، وإني لأعجب من بعض الأخوة الذين

أوتوا نصيباً قليلًا من العلم أن يتصدروا للإفتاء، وكأن الواحد منهم إمام من أئمة السلف، حتى قيل لي عن بعضهم حين أفتى بمسألة شاذة ضعيفة إن الإمام أحمد بن حنبل يقول سوى ذلك، فقال هذا المفتي لمن أورد عليه هذا الإيراد: (ومن أحمد بن


(١) سورة الأعراف، الآية: ٣٣.
(٢) سورة الإسراء، الآية: ٣٦.
(٣) سورة الأنعام، الآية: ١٤٤.
(٤) أخرجه الدارمي، في المقدم، باب الفتيا وما فيه من الشدة (رقم ١٥٩) وضعفه الألباني في السلسلة الضعيفة (رقم ١٨١٤) وضعيف الجامع (رقم ١٤٧) .

<<  <  ج: ص:  >  >>