للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وما أصدق الشاعر محمد رضا الشَّبِيْبي العراقي في قوله:

فتنةُ الناسٍ -وُقِيْنا الفِتَنا- ... باطلُ الحَمْدِ ومَكْذوبُ الثَّنا

لم تزلْ -ويحكَ يا عصرُ أَفِقْ- ... عَصْرَ ألقابٍ كِبارٍ وكُنىً

حَكَمَ الناسُ على الناسِ بما ... سمعوا عنهم وغَضُّو الأعْيُنا

فاسْتَحالت -وأَنا مِن بعضِهم- ... أُذني عَيْنًا وعيني أُذُنا (١)

وجماعة منهم قنعوا بمتابعة ما تتسارع شركات الحاسوب في إنتاجه، من أقراصٍ تحوي العشرات بل المئات من الكتب في جميع الفنون! وظنوا أن هذه تُغني عن شراء الكتب واقتنائها ومطالعتها ودَرْسها! وما عَلِم هؤلاء (أو عَلِموا ولكن ... ) أنهم قد اسْتَسْمنوا ذا وَرَم ونفخوا في غير ضَرَم، فأنزلوا هذه الآلة (الصمّاء) (٢) منزلةً ليست لها، ووطَّنوها مكانًا ما ينبغي لها، أرادوا بها -وهيهات- أن يسبقوا الرَّكْبَ، ويُحقِّقوا المسائل، ويستدركوا على العلماء، أرادوا كلَّ ذلك= بِلَمْسةٍ على زِرًّ! فيا لله العجب! وأعجبُ منه: أن ينسبوا كل ذلك الفضل


= يكتب اسمه دون أن يسبقه بـ (اللقب) ، وتالله لو وضع قبل اسمه ما شاء من ألقابٍ وشارات لَمَا أغناه ذلك شيئًا! ولكنه اللقب، فمتى سُلِبَ سُلِبَ معه كلُّ شيءٍ.
وبعض هؤلاء يُعبِّر بطريقة أُخرى، فحالما يحصل على شهادة ((اللقب)) إلا ويسارع بوضعها في مكان بارزٍ في مكتبته محاطة بإطار جميل، ولسان حاله يقول: لله أبي! لقد بلغتُ مرتبة الراسخين!!.
وكم من شهاداتٍ يَغُرُّ جمالُها وقيمَتُها النَّقْش الذي في إطارِها
(١) انظر: ((تقريب الألقاب العلمية)) : (ص/ ٣٣) .
(٢) لا يُفْهَم من هذا أن الحاسوب لا قيمة له ولا فائدة منه، بل له فوائد كثيرة تُقَدَّر بقدرها ولا تعدوا طَوْرَها، ولست هنا لتعديد محاسنه ولا لتبيين مزاياه!!.

<<  <   >  >>