للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَابْعَثْ مَعَنَا رَجُلًا أَمِينًا

فَقَالَ: قُمْ يَا أَبَا عُبَيْدَةَ، فَلَمَّا قَامَ قَالَ: هَذَا أَمِينُ هَذِهِ الْأُمَّةِ " وَأَخْرَجَ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الدَّلَائِلِ مِنْ طَرِيقِ عَطَاءٍ وَالضَّحَّاكِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: " أَنَّ ثَمَانِيَةً مِنْ نَصَارَى نَجْرَانَ قَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهُمُ الْعَاقِبُ وَالسَّيِّدُ، فَأَنْزَلَ اللهُ - تَعَالَى -: فَقُلْ تَعَالَوْا الْآيَةَ. فَقَالُوا: أَخِّرْنَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَذَهَبُوا إِلَى قُرَيْظَةَ وَالنَّضِيرِ وَبَنِي قَيْنُقَاعَ فَاسْتَشَارُوهُمْ فَأَشَارُوا عَلَيْهِمْ أَنْ يُصَالِحُوهُ وَلَا يُلَاعِنُوهُ، وَقَالُوا: هُوَ النَّبِيُّ الَّذِي نَجِدُهُ فِي التَّوْرَاةِ، فَصَالَحُوا النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى أَلْفِ حُلَّةٍ فِي صَفَرٍ وَأَلْفٍ فِي رَجَبٍ وَدَرَاهِمَ " وَرُوِيَ فِي الصُّلْحِ غَيْرُ ذَلِكَ، وَمِنْهَا أَنَّهُمْ صَالَحُوهُ عَلَى الْجِزْيَةِ، وَرُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اخْتَارَ لِلْمُبَاهَلَةِ عَلِيًّا وَفَاطِمَةَ وَوَلَدَيْهِمَا - عَلَيْهِمُ السَّلَامُ وَالرِّضْوَانُ -، وَخَرَجَ بِهِمْ وَقَالَ: إِنْ أَنَا دَعَوْتُ فَأَمِّنُوا أَنْتُمْ وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ وَالتِّرْمِذِيِّ وَغَيْرِهِمَا عَنْ سَعْدٍ قَالَ: " لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فَقُلْ تَعَالَوْا دَعَا رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلِيًّا وَفَاطِمَةَ وَحَسَنًا وَحُسَيْنًا وَقَالَ: اللهُمَّ هَؤُلَاءِ أَهْلِي وَأَخْرَجَ ابْنُ عَسَاكِرَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا الْآيَةَ: قَالَ: " فَجَاءَ بِأَبِي بَكْرٍ وَوَلَدِهِ وَبِعُمَرَ وَوَلَدِهِ وَبِعُثْمَانَ وَوَلَدِهِ وَبِعَلِيٍّ وَوَلَدِهِ " وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْكَلَامَ فِي جَمَاعَةِ الْمُؤْمِنِينَ.

قَالَ الْأُسْتَاذُ الْإِمَامُ: الرِّوَايَاتُ مُتَّفِقَةٌ عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اخْتَارَ لِلْمُبَاهَلَةِ عَلِيًّا وَفَاطِمَةَ وَوَلَدَيْهِمَا وَيَحْمِلُونَ كَلِمَةَ وَنِسَاءَنَا عَلَى فَاطِمَةَ وَكَلِمَةَ وَأَنْفُسَنَا عَلَى عَلِيٍّ فَقَطْ، وَمَصَادِرُ هَذِهِ الرِّوَايَاتِ الشِّيعَةُ وَمَقْصِدُهُمْ مِنْهَا مَعْرُوفٌ، وَقَدِ اجْتَهَدُوا فِي تَرْوِيجِهَا مَا اسْتَطَاعُوا حَتَّى رَاجَتْ عَلَى كَثِيرٍ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ، وَلَكِنَّ وَاضِعِيهَا لَمْ يُحْسِنُوا تَطْبِيقَهَا عَلَى الْآيَةِ فَإِنَّ كَلِمَةَ وَنِسَاءَنَا لَا يَقُولُهَا الْعَرَبِيُّ وَيُرِيدُ بِهَا بِنْتَهُ لَا سِيَّمَا إِذَا كَانَ لَهُ أَزْوَاجٌ وَلَا يُفْهَمُ هَذَا مِنْ لُغَتِهِمْ، وَأَبْعَدُ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يُرَادَ بِأَنْفُسِنَا عَلِيٌّ - عَلَيْهِ الرِّضْوَانُ -، ثُمَّ إِنَّ وَفْدَ نَجْرَانَ الَّذِينَ قَالُوا: إِنَّ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِيهِمْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُمْ نِسَاؤُهُمْ وَأَوْلَادُهُمْ، وَكُلُّ مَا يُفْهَمُ مِنَ الْآيَةِ أَمْرُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَدْعُوا الْمُحَاجِّينَ وَالْمُجَادِلِينَ فِي عِيسَى مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَى الِاجْتِمَاعِ رِجَالًا وَنِسَاءً وَأَطْفَالًا، وَيَجْمَعُ هُوَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالًا وَنِسَاءً وَأَطْفَالًا، وَيَبْتَهِلُونَ إِلَى اللهِ - تَعَالَى - بِأَنْ يَلْعَنَ الْكَاذِبَ فِيمَا يَقُولُ عَنْ عِيسَى، وَهَذَا الطَّلَبُ يَدُلُّ عَلَى قُوَّةِ يَقِينِ صَاحِبِهِ وَثِقَتِهِ بِمَا يَقُولُ، كَمَا يَدُلُّ امْتِنَاعُ مَنْ دَعَوْا إِلَى ذَلِكَ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ سَوَاءٌ كَانُوا نَصَارَى نَجْرَانَ أَوْ غَيْرَهَمْ عَلَى امْتِرَائِهِمْ فِي

حِجَاجِهِمْ وَمُمَارَاتِهِمْ فِيمَا يَقُولُونَ وَزِلْزَالِهِمْ فِيمَا يَعْتَقِدُونَ وَكَوْنِهِمْ عَلَى غَيْرِ بَيِّنَةٍ وَلَا يَقِينٍ، وَأَنَّى لِمَنْ يُؤْمِنُ بِاللهِ أَنْ يَرْضَى بِأَنْ يَجْتَمِعَ مِثْلُ هَذَا الْجَمْعِ مِنَ النَّاسِ الْمُحِقِّينَ وَالْمُبْطِلِينَ فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ مُتَوَجِّهِينَ إِلَى اللهِ - تَعَالَى - فِي طَلَبِ لَعْنِهِ وَإِبْعَادِهِ مِنْ رَحْمَتِهِ، وَأَيُّ جَرَاءَةٍ عَلَى اللهِ وَاسْتِهْزَاءٍ بِقُدْرَتِهِ وَعَظَمَتِهِ أَقْوَى مِنْ هَذَا؟

قَالَ: أَمَّا كَوْنُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْمُؤْمِنِينَ كَانُوا عَلَى يَقِينٍ مِمَّا يَعْتَقِدُونَ فِي عِيسَى

-

<<  <  ج: ص:  >  >>