للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إِلَّا مُوَافِقًا لِحُكْمِ الشَّرْعِ. وَقَالُوا: سَدَّ قَوْلُهُ يَسِدُّ " بِكَسْرِ السِّينِ " إِذَا كَانَ سَدِيدًا، وَهُوَ يَسِدُّ فِي الْقَوْلِ إِسْدَادًا: يُصِيبُ السَّدَادَ " بِالْفَتْحِ ": وَهُوَ الْقَصْدُ وَالصَّوَابُ وَالِاسْتِقَامَةُ، وَالسِّدَادُ " بِكَسْرٍ ": الْبُلْغَةُ، وَمَا يُسَدُّ بِهِ الشَّيْءُ كَالثَّغْرِ، وَالْقَارُورَةِ. وَقَوْلُهُمْ: " سَدَادٌ مِنْ عَوَزٍ " وَرَدَ بِفَتْحِ السِّينِ وَبِكَسْرِهَا، وَهُوَ الْأَفْصَحُ. وَإِذَا كَانَ السَّدِيدُ

مَأْخُوذًا مِنْ سَدِّ الثَّغْرِ، وَنَحْوِهِ فَالْقَوْلُ السَّدِيدُ: هُوَ الْحُكْمُ الَّذِي تُدْرَأُ بِهِ الْمَفْسَدَةُ، وَتُحْفَظُ الْمَصْلَحَةُ، كَمَا أَنَّ سَدَادَ الثَّغْرِ يَمْنَعُ اسْتِطْرَاقَ شَيْءٍ مِنْهُ يَضُرُّ مَا وَرَاءَهُ.

وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا قَرَأَ ابْنُ عَامِرٍ، وَأَبُو بَكْرٍ، عَنْ عَاصِمٍ (وَسَيُصَلَّوْنَ) بِضَمِّ الْيَاءِ مِنَ الْإِصْلَاءِ، وَالْبَاقُونَ بِفَتْحِهَا مِنَ الصِّلِيِّ. يُقَالُ: صَلَى اللَّحْمَ صَلْيًا " بِوَزْنٍ رَمَاهُ رَمْيًا " شَوَاهُ. فَإِذَا رَمَاهُ فِي النَّارِ يُرِيدُ إِحْرَاقَهُ يُقَالُ: أَصْلَاهُ إِصْلَاءً، وَصَلَّاهُ تَصْلِيَةً، وَجَعَلَ بَعْضُهُمْ مَعْنَى الثُّلَاثِيِّ، وَالرُّبَاعِيِّ وَاحِدًا، كُلٌّ مِنْهُمَا يُسْتَعْمَلُ فِي الشَّيْءِ وَفِي الْإِلْقَاءِ لِأَجْلِ الْإِحْرَاقِ، وَالْإِفْسَادِ. وَصَلَّى يَدَهُ بِالنَّارِ: سَخَّنَهَا، وَأَدْفَأَهَا، وَاصْطَلَى: اسْتَدْفَأَ. وَأَصْلَاهُ النَّارَ وَصَلَّاهُ إِيَّاهَا: أَدْخَلَهُ إِيَّاهَا، وَأَصْلَاهُ فِيهَا أَدْخَلَهُ فِيهَا، وَصَلَيْتُ النَّارَ قَاسَيْتُ حَرَّهَا. وَالصَّلَى - بِالْفَتْحِ وَالْقَصْرِ - وَالصِّلَاءُ بِالْكَسْرِ وَالْمَدِّ -: الْوَقُودُ. وَيُطْلَقُ الصِّلَاءُ عَلَى الشِّوَاءِ أَيْ مَا يُشْوَى، قَالَ السَّيِّدَ الْأَلُوسِيُّ، وَقَالَ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ: إِنَّ أَصْلَ الصِّلِيِّ الْقُرْبُ مِنَ النَّارِ، وَقَدِ اسْتُعْمِلَ هُنَا فِي الدُّخُولِ مَجَازًا - اهـ. وَ (السَّعِيرُ) النَّارُ الْمُسْتَعِرَةُ أَيِ الْمُشْتَعِلَةُ، يُقَالُ: سَعَرْتُ النَّارَ سَعْرًا وَسَعَّرْتُهَا تَسْعِيرًا أَشْعَلْتُهَا، قَالَ الرَّازِيُّ: وَالسَّعِيرُ مَعْدُولٌ عَنْ مَسْعُورَةٍ كَمَا عُدِلَ كَفٌّ خَضِيبٌ عَنْ مَخْضُوبَةٍ، وَإِنَّمَا قَالَ: سَعِيرًا لِأَنَّ الْمُرَادَ نَارٌ مِنَ النِّيرَانِ مُبْهَمَةٌ لَا يَعْرِفُ غَايَةَ شِدَّتِهَا إِلَّا اللهُ. اهـ. فَهُوَ يَعْنِي أَنَّ التَّنْكِيرَ لِلتَّهْوِيلِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ لِلتَّنْوِيعِ أَيْ يَصْلَوْنَ أَوْ يُصْلِيهِمْ مَلَائِكَةُ الْعَذَابِ سَعِيرًا خَاصًّا مِنَ السَّعْرِ لَا يَصْلَاهَا إِلَّا مَنْ هَضَمَ حُقُوقَ الْيَتَامَى، وَأَكَلَ أَمْوَالَهُمْ ظُلْمًا.

الْمَعْنَى أَخْرَجَ أَبُو الشَّيْخِ، وَابْنُ حِبَّانَ فِي كِتَابِ الْفَرَائِضِ مِنْ طَرِيقِ الْكَلْبِيِّ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: " كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ لَا يُوَرِّثُونَ الْبَنَاتِ، وَلَا الصِّغَارَ الذُّكُورَ حَتَّى يُدْرِكُوا، فَمَاتَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ يُقَالُ لَهُ أَوْسُ بْنُ ثَابِتٍ، وَتَرَكَ ابْنَتَيْنِ، وَابْنًا صَغِيرًا، فَجَاءَ ابْنَا عَمِّهِ خَالِدٌ، وَعُرْفُطَةُ - وَهُمَا عَصَبَتُهُ - فَأَخَذَا مِيرَاثَهُ كُلَّهُ فَأَتَتِ امْرَأَتُهُ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَذَكَرَتْ لَهُ ذَلِكَ فَقَالَ: مَا أَدْرِي مَا أَقُولُ فَنَزَلَتْ " لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا ذَكَرَهُ السُّيُوطِيُّ فِي لُبَابِ النُّقُولِ. وَطَرِيقُ الْكَلْبِيِّ

عَنْ أَبِي صَالِحٍ هِيَ أَوْهَى الطُّرُقِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَأَضْعَفُهَا، وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ فِي تَفْسِيرِهِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، قَالَ: نَزَلَتْ فِي أُمِّ كُجَّةَ، وَابْنَةِ كُجَّةَ، وَثَعْلَبَةَ، وَأَوْسِ بْنِ سُوَيْدٍ، وَهُمْ مِنَ الْأَنْصَارِ، كَانَ أَحَدُهُمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>