للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بِوَسْوَسَتِهِ أَوْ بِإِغْوَاءِ دُعَاةِ الْبَاطِلِ وَالشَّرِّ مِنْ أَوْلِيَائِهِ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ لَا يَجِدُونَ مَعْدِلًا عَنْهَا يَفِرُّونَ إِلَيْهِ ; لِأَنَّهُمْ مُنْجَذِبُونَ إِلَيْهَا بِطَبْعِهِمْ يَتَهَافَتُونَ فِيهَا بِأَنْفُسِهِمْ، كَمَا يَتَهَافَتُ الْفَرَاشُ فِي النَّارِ.

وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا، هَؤُلَاءِ عِبَادُ اللهِ الَّذِينَ لَيْسَ لِلشَّيْطَانِ وَلَا لِأَوْلِيَائِهِ عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ، ذَكَرَهُمْ فِي مُقَابَلَةِ أُولَئِكَ الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَ الشَّيْطَانَ وَيَتَّبِعُونَ إِغْوَاءَهُ عَلَى سُنَّةِ الْقُرْآنِ فِي قَرْنِ الْوَعْدِ بِالْوَعِيدِ وَعْدَ اللهِ حَقًّا وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللهِ قِيلًا أَيْ: لَا قِيلَ أَصْدُقُ مِنْ قِيلِهِ، وَلَا وَعْدَ أَحَقُّ مِنْ وَعْدِهِ ; لِأَنَّهُ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يُعْطِيَ كُلَّ مَا وَعَدَ بِهِ، وَأَمَّا الشَّيْطَانُ فَهُوَ عَاجِزٌ عَنِ الْوَفَاءِ، عَلَى أَنَّهُ لَا يُطَاعُ لِقُدْرَتِهِ وَإِنَّمَا يُدَلِّي أَوْلِيَاءَهُ بِغُرُورٍ، فَوَعْدُهُ بَاطِلٌ وَقَوْلُهُ كَذِبٌ وَزُورٌ، وَالْقِيلُ بِوَزْنِ الْفِعْلِ قُلِبَتْ وَاوُهُ يَاءً لِكَسْرِ مَا قَبْلَهَا.

وَقَدْ جَعَلَ اللهُ تَعَالَى وَعْدَهُ الْكَرِيمَ بِالْجَنَّاتِ وَالْخُلُودِ فِي النَّعِيمِ لِمَنْ يُؤْمِنُ بِهِ لَا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا وَيَعْمَلُ الصَّالِحَاتِ الَّتِي تُغَذِّي الْإِيمَانَ وَتَرْفَعُ النَّفْسَ، وَتَقَدَّمَ مِثْلُ هَذَا مِرَارًا.

لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلَا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَاتَّخَذَ اللهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَانَ اللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطًا.

رَوَى غَيْرُ وَاحِدٍ عَنْ مُجَاهِدٍ أَنَّهُ قَالَ: قَالَتِ الْعَرَبُ لَا نُبْعَثُ وَلَا نُحَاسَبُ، وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى: لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى، وَقَالُوا:

لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ فَأَنْزَلَ اللهُ لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>