للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَأَمَّا الْأَسْبَاطُ فَجَمْعُ سِبْطٍ، وَهُوَ يُطْلَقُ عَلَى وَلَدِ الْوَلَدِ. وَأَسْبَاطُ بَنِي إِسْرَائِيلَ اثْنَا عَشَرَ سِبْطًا، فَكُلُّ نَسْلٍ مِنْ أَوْلَادِ يَعْقُوبَ الْعَشْرَةِ، وَوَلَدَيِ ابْنِهِ يُوسُفَ وَهُمَا (إِفْرَايِمْ وَمَنْسَى) يُسَمَّى سِبْطًا ; وَلِذَلِكَ قِيلَ: إِنَّ الْأَسْبَاطَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ كَالْقَبَائِلِ فِي وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ. وَأَمَّا أَبْنَاءُ يَعْقُوبَ الْعَشْرَةُ آبَاءُ الْأَسْبَاطِ الْأُخْرَى فَهُمْ:

١ - رُؤْبِينُ (بِالْهَمْزَةِ، وَيُخَفَّفُ فَيُقَالُ رُوبِينُ) وَتَصَرَّفَ فِيهِ بَعْضُ الْعَرَبِ فَقَالُوا رُوبِيلُ.

٢ - شَمْعُونُ ٣ - يَهُوذَا ٤ - يَسَاكِرُ ٥ - زَبُولُونُ ٦ - بِنْيَامِينَ ٧ - دَانَ ٨ - نَفْتَالِي ٩ - جَادُ ١٠ - أَشِيرُ. فَسُلَالَةُ هَؤُلَاءِ مَعَ سُلَالَةِ ابْنَي يُوسُفَ هُمُ اثْنَا عَشَرَ سِبْطًا.

وَأَمَّا سُلَالَةُ (لَاوِي) الِابْنِ الثَّالِثِ لِيَعْقُوبَ فَلَمْ تُجْعَلْ سِبْطًا مُسْتَقِلًّا، بَلْ نِيطَ بِهِمْ خِدْمَةٌ دِينِيَّةٌ خَاصَّةٌ وَلَهُمْ أَحْكَامٌ خَاصَّةٌ بِهِمْ، وَالْمُرَادُ بِالْوَحْيِ إِلَى الْأَسْبَاطِ: الْوَحْيُ إِلَى الْأَنْبِيَاءِ الَّذِينَ بُعِثُوا فِيهِمْ، وَخُصَّ مِنْهُمْ بِالذِّكْرِ أَشْهَرُ الْمُرْسَلِينَ ; لِأَنَّ لَهُمْ كُتُبًا يُهْتَدَى بِهَا، وَمَا كُلُّ نَبِيٍّ يُوحَى إِلَيْهِ يَكُونُ مُرْسَلًا وَلَهُ كِتَابٌ.

وَالْمَشْهُورُ عِنْدَ الْمُفَسِّرِينَ أَنَّ الْأَسْبَاطَ هُمْ أَوْلَادُ يَعْقُوبَ، وَلِذَلِكَ اسْتَشْكَلُوا الْوَحْيَ إِلَيْهِمْ وَكَوْنَهُمْ مِنَ النَّبِيِّينَ مَعَ مَا بَيَّنَهُ اللهُ - تَعَالَى - مِنْ كَيْدِهِمْ لِأَخِيهِمْ يُوسُفَ، وَكَذِبِهِمْ عَلَى أَبِيهِمْ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا لَا يَلِيقُ بِالنَّبِيِّينَ، وَأَجَابَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ ذَلِكَ كَانَ مِنْهُمْ قَبْلَ النُّبُوَّةِ، وَلَا يَرْضَى هَذَا مِنْ يَقُولُ: إِنَّ الْأَنْبِيَاءَ مَعْصُومُونَ مِنَ الْكَبَائِرِ قَبْلَ النُّبُوَّةِ وَبَعْدَهَا. وَهُمْ يَقُولُونَ بِعُمُومِ هَذِهِ الْعِصْمَةِ، وَإِنْ كَانَ الدَّلِيلُ الَّذِي يَحْتَجُّونَ بِهِ خَاصًّا بِالرُّسُلِ مِنْهُمْ، وَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّ إِطْلَاقَ لَفْظِ الْأَسْبَاطِ عَلَى أَبْنَاءِ إِسْرَائِيلَ مِنْ صُلْبِهِ خَاصَّةً غَلَطٌ، وَإِنَّ الْمُتَّفَقَ عَلَيْهِ عِنْدَ أَهْلِ الْكِتَابِ عَامَّةً هُوَ مَا ذَكَرْنَاهُ، وَمَا حَاجَّهُمُ اللهُ - تَعَالَى - إِلَّا بِمَا هُوَ مَعْرُوفٌ عِنْدَهُمْ، فَالْآيَةُ لَا تَدُلُّ عَلَى نُبُوَّةِ إِخْوَةِ يُوسُفَ مِنْ أَوْلَادِ يَعْقُوبَ.

وَآتَيْنَا دَاوُدَ زَبُورًا أَيْ وَكَمَا أَعْطَيْنَا دَاوُدَ كِتَابًا خَاصًّا مَزْبُورًا، أَيْ مَكْتُوبًا، فَالزَّبُورُ بِمَعْنَى الْمَزْبُورِ، كَالرُّكُوبِ بِمَعْنَى الْمَرْكُوبِ، وَقَرَأَهُ حَمْزَةُ، وَخَلَفٌ بِضَمِّ الزَّايِ، وَهُوَ جَمْعٌ، وَزْنُ مُفْرَدِهِ، وَوَزْنُهُ (كَعِرْقٍ وَعُرُوقٍ) أَوْ (فِلْسٍ وَفُلُوسٍ) وَقِيلَ جَمْعُ زَبُورٍ بِالْفَتْحِ، وَقِيلَ مَصْدَرٌ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ حَالٍ بِمَعْنَى كِتَابٍ وَمَكْتُوبٍ، وَقَدْ ذُكِرَ بِهَذَا اللَّفْظِ، وَلَمْ يُعْطَفْ عَلَى مَا قَبْلَهُ فَيُفِيدُ مُطْلَقَ الْوَحْيِ، لِأَنَّ لِزَبُورِ دَاوُدَ شَأْنًا خَاصًّا فِي كُتُبِ الْوَحْيِ وَعِنْدَ أَهْلِ الْكِتَابِ، وَهُوَ مَعَ هَذِهِ الْفَائِدَةِ مُوَافِقٌ لِنَسَقِ الْفَوَاصِلِ ; فَائْتَلَفَ بِهِ اللَّفْظُ مَعَ الْمَعْنَى، فَصَاحَةً وَبَلَاغَةً وَحُسْنًا.

وَرُسُلًا قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ أَيْ وَأَرْسَلْنَا غَيْرَ هَؤُلَاءِ رُسُلًا آخَرِينَ قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلِ تَنْزِيلِ هَذِهِ السُّورَةِ، أَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى هَؤُلَاءِ، وَهُمُ الْمَسْرُودَةُ أَسْمَاؤُهُمْ، أَوِ الْمُبَيَّنَةُ قِصَصُهُمْ فِي السُّوَرِ الْمَكِّيَّةِ، وَأَجْمَعُ

الْآيَاتِ لِأَسْمَاءِ الْأَنْبِيَاءِ قَوْلُهُ - تَعَالَى - فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>