للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاءَ اللهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ وَلَا

تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللهُ إِلَيْكَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ) هَذِهِ الْآيَاتُ تَتِمَّةُ السِّيَاقِ؛ بَيَّنَ اللهُ تَعَالَى شَأْنُهُ إِنْزَالَ التَّوْرَاةِ ثُمَّ الْإِنْجِيلِ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَمَا أَوْدَعَهُ فِيهَا مِنْ هُدًى وَنُورٍ، وَمَا حَتَّمَ عَلَيْهِمْ مِنْ إِقَامَتِهِمَا، وَمَا شَدَّدَ عَلَيْهِمْ مِنْ إِثْمِ تَرْكِ الْحُكْمِ بِهِمَا فَنَاسَبَ بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ يَذْكُرَ إِنْزَالَهُ الْقُرْآنَ عَلَى خَاتَمِ النَّبِيِّينَ وَالْمُرْسَلِينَ، وَمَكَانَهُ مِنَ الْكُتُبِ الَّتِي قَبْلَهُ، وَكَوْنَ حِكْمَتِهِ تَعَالَى اقْتَضَتْ تَعَدُّدَ الشَّرَائِعِ وَمَنَاهِجِ الْهِدَايَةِ، فَتِلْكَ مُقَدِّمَاتٌ وَوَسِيلَةٌ، وَهَذَا هُوَ الْمَقْصِدُ وَالنَّتِيجَةُ، قَالَ: (وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ) أَيْ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ الْكَامِلَ الَّذِي أَكْمَلْنَا بِهِ الدِّينَ، فَكَانَ هُوَ الْجَدِيرَ بِأَنْ يَنْصَرِفَ إِلَيْهِ مَعْنَى الْكِتَابِ الْإِلَهِيِّ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ، وَهُوَ الْقُرْآنُ الْمَجِيدُ، هَذِهِ حِكْمَةُ التَّعْبِيرِ بِالْكِتَابِ بَعْدَ التَّعْبِيرِ عَنْ كِتَابِ مُوسَى بِاسْمِهِ الْخَاصِّ (التَّوْرَاةِ) وَعَنْ كِتَابِ عِيسَى بِاسْمِهِ الْخَاصِّ (الْإِنْجِيلِ) وَمِثْلُ هَذَا إِطْلَاقُ لَفْظِ النَّبِيِّ، حَتَّى فِي كُتُبِهِمْ، وَقَوْلُهُ: (بِالْحَقِّ) . . . إِلَخْ، مَعْنَاهُ أَنْزَلْنَاهُ مُتَلَبِّسًا بِالْحَقِّ، مُؤَيَّدًا بِهِ، مُشْتَمِلًا عَلَيْهِ، مُقَرِّرًا لَهُ، بِحَيْثُ لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>