للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) .

أَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللهُ لَكُمْ) فِي الْقَوْمِ الَّذِينَ كَانُوا حَرَّمُوا النِّسَاءَ وَاللَّحْمَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ كَيْفَ نَصْنَعُ بِأَيْمَانِنَا الَّتِي حَلَفْنَا عَلَيْهَا؟ فَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى: (لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ) وَأَخْرَجَ أَبُو الشَّيْخِ عَنْ يَعْلَى بْنِ مُسْلِمٍ قَالَ: سَأَلْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ. . . قَالَ: اقْرَأْ مَا قَبْلَهَا، فَقَرَأْتُ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللهُ لَكُمْ) إِلَى قَوْلِهِ: (لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ) قَالَ: اللَّغْوُ أَنْ تُحَرِّمَ هَذَا الَّذِي أَحَلَّ اللهُ لَكَ وَأَشْبَاهَهُ، تُكَفِّرُ عَنْ يَمِينِكَ وَلَا تُحَرِّمُهُ، فَهَذَا اللَّغْوُ الَّذِي لَا يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ، فَإِنْ مِتَّ عَلَيْهِ أُوخِذْتَ بِهِ.

وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ (لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ) أَنْ تَتْرُكَهُ وَتُكَفِّرَ عَنْ يَمِينِكَ (وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ) قَالَ: مَا أَقَمْتَ عَلَيْهِ، وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ مُجَاهِدٍ (لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ) (قَالَ: هُمَا الرَّجُلَانِ يَتَبَايَعَانِ يَقُولُ أَحَدَهُمَا: وَاللهِ لَا أَبِيعُكَ بِكَذَا، وَيَقُولُ الْآخَرُ: وَاللهِ لَا أَشْتَرِيهِ بِكَذَا، وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: اللَّغْوُ أَنْ يَصِلَ الرَّجُلُ كَلَامَهُ بِالْحَلِفِ: وَاللهِ لَتَجِيئَنَّ وَاللهِ لَتَأْكُلَنَّ، وَاللهِ لَتَشْرَبَنَّ وَنَحْوَ هَذَا، لَا يُرِيدُ بِهِ يَمِينًا لَا يَتَعَمَّدُ بِهِ حَلِفًا، فَهُوَ

لَغْوُ الْيَمِينِ لَيْسَ لَهُ كَفَّارَةٌ.

أَوْرَدَ ذَلِكَ السُّيُوطِيُّ فِي الدُّرِّ الْمَنْثُورِ، وَأَصَحُّ مِنْهُ وَأَظْهَرُ فِي تَفْسِيرِهِ مَا أَوْرَدَهُ فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الْجُمْلَةِ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ عَنْ مَالِكٍ فِي الْمُوَطَّأِ وَالشَّافِعِيِّ فِي الْأُمِّ وَالْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ فِي صَحِيحَيْهِمَا والْبَيْهَقِيِّ فِي سُنَنِهِ وَأَشْهَرِ مُصَنَّفِي التَّفْسِيرِ الْمَأْثُورِ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ قَالَتْ: " أُنْزِلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: (لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ) فِي قَوْلِ الرَّجُلِ: لَا وَاللهِ، وَبَلَى وَاللهِ، وَكَلَّا وَاللهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>