للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللهُ بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ لِيَعْلَمَ اللهُ مَنْ يَخَافُهُ بِالْغَيْبِ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ

مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا لِيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ عَفَا اللهُ عَمَّا سَلَفَ وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ اللهُ مِنْهُ وَاللهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ) .

بَيِّنًا فِي تَفْسِيرِ الْآيَةِ (٩٠) أَنَّ هَذِهِ السُّورَةَ افْتُتِحَتْ بِآيَاتٍ مِنْ أَحْكَامِ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ فِي الطَّعَامِ وَأَحْكَامِ النُّسُكِ (وَمِنْهَا الصَّيْدُ فِي أَرْضِ الْحَرَامِ أَوْ فِي حَالِ الْإِحْرَامِ) وَتَلَاهَا سِيَاقٌ طَوِيلٌ فِي بَيَانِ أَحْوَالِ أَهْلِ الْكِتَابِ وَمُحَاجَّتِهِمْ، ثُمَّ عَادَ الْكَلَامُ إِلَى شَيْءٍ مِنْ تَفْصِيلِ تِلْكَ الْأَحْكَامِ إِلَخْ، وَنَقُولُ الْآنَ إِنَّ اللهَ جَلَّتْ آلَاؤُهُ نَهَى عِبَادَهُ الْمُؤْمِنِينَ عَنْ تَحْرِيمِ الطَّيِّبَاتِ وَمِنَ الِاعْتِدَاءِ فِيهَا وَفِي غَيْرِهَا، وَأَمَرَهُمْ بِأَكْلِ الْحَلَّالِ وَالطَّيِّبِ، وَلَمَّا كَانَ بَعْضُ الْمُبَالِغِينَ فِي النُّسُكِ قَدْ حَلَفُوا عَلَى تَرْكِ بَعْضِ الطَّيِّبَاتِ بَيَّنَ لَهُمْ بِهَذِهِ الْمُنَاسَبَةِ كَفَّارَةَ الْأَيْمَانِ، ثُمَّ بَيَّنَ لَهُمْ تَحْرِيمَ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ لِأَنَّهَا مِنْ أَخْبَثِ الْخَبَائِثِ، فَكَانَ هَذَا وَذَاكَ مُتَمِّمًا لِمَا فِي أَوَّلِ السُّورَةِ مِنْ أَحْكَامِ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ، وَنَاسَبَ أَنْ يُتَمِّمَ أَحْكَامَ الصَّيْدِ فِي الْحُرُمِ وَالْإِحْرَامِ أَيْضًا فَجَاءَتْ هَذِهِ الْآيَاتُ فِي ذَلِكَ.

وَقَالَ الرَّازِيُّ فِي مُنَاسَبَةِ هَذَا لِمَا قَبْلَهُ مَا نَصُّهُ: وَوَجْهُ النَّظْمِ أَنَّهُ تَعَالَى كَمَا قَالَ: (لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللهُ لَكُمْ) (٥: ٨٧) ثُمَّ اسْتَثْنَى الْخَمْرَ وَالْمَيْسِرَ مِنْ تِلْكَ فَكَذَلِكَ اسْتَثْنَى هَذَا النَّوْعَ مِنَ الصَّيْدِ عَنِ الْمُحَلَّلَاتِ وَبَيَّنَ دُخُولَهُمْ فِي الْمُحَرَّمَاتِ انْتَهَى وَمَا قُلْنَاهُ خَيْرٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>