للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عِنْدَمَا خَالَطُوهُمْ وَعَاشَرُوهُمْ كَمَا بَيَّنَّاهُ فِي تَفْسِيرِ تِلْكَ الْآيَةِ وَجَرَيْنَا عَلَيْهِ آنِفًا فِي تَفْسِيرِ آيَةِ التَّحْرِيمِ هُنَا.

وَيُمْكِنُ تَوْجِيهُ هَذَا الْجَوَابِ فِي تَكْذِيبِ مُشْرِكِي مَكَّةَ بِأَنَّهُ تَهْدِيدٌ لَهُمْ إِذَا أَصَرُّوا

عَلَى كُفْرِهِمْ، وَمَا يَتْبَعُهُ مِنَ الِافْتِرَاءِ عَلَى اللهِ بِتَحْرِيمِ مَا حَرَّمُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ، وَإِطْمَاعٌ لَهُمْ فِي رَحْمَةِ اللهِ الْوَاسِعَةِ إِذَا رَجَعُوا عَنْ إِجْرَامِهِمْ، وَآمَنُوا بِمَا جَاءَ بِهِ رَسُولُهُمْ ; إِذْ يَكُونُونَ سُعَدَاءَ فِي الدُّنْيَا بِحِلِّ الطَّيِّبَاتِ وَسَائِرِ مَا يَتْبَعُ الْإِسْلَامَ مِنَ السَّعَادَةِ وَالسِّيَادَةِ، وَسُعَدَاءَ فِي الْآخِرَةِ بِالنَّجَاةِ مِنَ النَّارِ، وَدُخُولِ الْجَنَّةِ مَعَ الْأَبْرَارِ، جَعَلَنَا اللهُ مِنْهُمْ بِكَمَالِ الِاتِّبَاعِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى تَوْفِيقِهِ وَعَلَى كُلِّ حَالٍ.

(سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ حَتَّى ذَاقُوا بَأْسَنَا قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ قُلْ هَلُمَّ شُهَدَاءَكُمُ الَّذِينَ يَشْهَدُونَ أَنَّ اللهَ حَرَّمَ هَذَا فَإِنْ شَهِدُوا فَلَا تَشْهَدْ مَعَهُمْ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَهُمْ بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ) قَدْ كَانَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ هَذِهِ السُّورَةِ بَيَانًا مُفَصِّلًا لِعَقَائِدِ الْإِسْلَامِ فِي الْإِلَهِيَّاتِ وَالنُّبُوَّةِ وَالْبَعْثِ، وَدَحْضًا لِشُبَهَاتِ الْمُشْرِكِينَ الَّتِي كَانُوا يَحْتَجُّونَ بِهَا عَلَى شِرْكِهِمْ وَتَكْذِيبِهِمْ لِلرُّسُلِ وَإِنْكَارِهِمْ لِلْبَعْثِ، وَعَلَى أَعْمَالِهِمُ الَّتِي هِيَ مَظَاهِرُ شِرْكِهِمْ مِنْ تَحْرِيمٍ وَتَحْلِيلٍ، وَخُرَافَاتٍ وَتَضْلِيلٍ، وَأَوْهَامٍ وَأَبَاطِيلَ، وَقَدْ جَاءَ فِي هَذِهِ الْآيَاتِ بِشُبْهَةٍ مِنْ أَكْبَرِ شُبُهَاتِهِمُ الَّتِي ضَلَّ بِمِثْلِهَا كَثِيرٌ مِنَ الْكُفَّارِ قَبْلَهُمْ، وَلَمْ يَكُونُوا أَوْرَدُوهَا عَلَى الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَكِنَّ اللهَ تَعَالَى جَعَلَ هَذِهِ السُّورَةَ جَامِعَةً لِكُلِّ مَا يَتَعَلَّقُ بِتَقْرِيرِ الْعَقَائِدِ وَإِثْبَاتِهَا بِالْحُجَّةِ النَّاهِضَةِ، وَإِبْطَالِ مَا يَرُدُّ عَلَيْهَا مِنَ الشُّبُهَاتِ الدَّاحِضَةِ، مَا قِيلَ مِنْهَا، وَمَا سَيُقَالُ لِلرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

<<  <  ج: ص:  >  >>