للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عَنْ بَعْضِ التَّابِعِينَ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ أَنَّهُ أَخَذَهُ عَنْ أَهْلِ الْكِتَابِ، فَمَتَى اخْتَلَفَ التَّابِعُونَ لَمْ يَكُنْ بَعْضُ أَقْوَالِهِمْ حُجَّةً عَلَى بَعْضٍ، وَمَا نُقِلَ مِنْ ذَلِكَ عَنِ الصَّحَابَةِ نَقْلًا صَحِيحًا فَالنَّفْسُ إِلَيْهِ أَسْكَنُ مِمَّا يُنْقَلُ عَنِ التَّابِعَيْنِ؛ لِأَنَّ احْتِمَالَ أَنْ يَكُونَ سَمِعَهُ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ مِنْ بَعْضِ مَنْ سَمِعَهُ مِنْهُ أَقْوَى؛ وَلِأَنَّ نَقْلَ الصَّحَابَةِ عَنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أَقَلُّ مِنْ نَقْلِ التَّابِعِينَ، وَمَعَ جَزْمِ الصَّحَابِيِّ بِمَا يَقُولُهُ كَيْفَ يُقَالُ إِنَّهُ أَخَذَهُ عَنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَقَدْ نُهُوا عَنْ تَصْدِيقِهِمْ؟ وَأَمَّا الْقَسَمُ الَّذِي يُمْكِنُ مَعْرِفَةُ الصَّحِيحِ مِنْهُ فَهَذَا مَوْجُودٌ كَثِيرٌ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ. وَإِنْ قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: ثَلَاثَةٌ لَيْسَ لَهَا أَصْلٌ، التَّفْسِيرُ وَالْمَلَاحِمُ وَالْمَغَازِي، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْغَالِبَ عَلَيْهَا الْمَرَاسِيلُ " اهـ

(يَابَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ يَابَنِي آدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ)

بَعْدَ أَنَّ قَصَّ اللهُ تَعَالَى عَلَى بَنِي آدَمَ قِصَّةَ نَشْأَتِهِمُ الْأُولَى وَمَا خُلِقُوا مُسْتَعِدِّينَ لَهُ مِنَ السَّعَادَةِ وَنَعِيمِ الْجَنَّةِ، وَمَا يَصُدُّهُمْ عَنْ ذَلِكَ مِنْ وَسْوَسَةِ الشَّيْطَانِ وَإِغْوَائِهِ، رَتَّبَ عَلَيْهَا هَذِهِ النَّصَائِحَ الْهَادِيَةَ لَهُمْ إِلَى أَقْوَمِ طُرُقِ تَرْبِيَّتِهِمْ لِأَنْفُسِهِمْ - كَمَا قُلْنَا فِي بَيَانِ تَنَاسُبِ الْآيَاتِ فِي أَوَّلِ ذَلِكَ السِّيَاقِ - فَقَالَ:

(يَابَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا) الرِّيشُ: لِبَاسُ الْحَاجَةِ وَالزِّينَةِ مُسْتَعَارٌ مِنْ رِيشِ الطَّائِرِ، وَلَيْسَ فِي أَجْنَاسِ الْحَيَوَانِ كَالطَّيْرِ فِي كَثْرَةِ أَنْوَاعِ رِيشِهَا وَبَهْجَةِ مَنَاظِرِهَا وَتَعَدُّدِ أَلْوَانِهَا. فَهِيَ جَامِعَةٌ لِجَمِيعِ الْمَنَافِعِ، وَالزِّينَةِ، وَمِنْهَا مَا هُوَ أَجْمَلُ مِنْ جَمِيعِ مَا فِي الطَّبِيعَةِ، وَقَرَأَ أَبُو زَيْدٍ عَنِ الْمُفَضَّلِ (وَرِيَاشًا) وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَفِيهِ حَدِيثٌ مَرْفُوعٌ قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ فِي إِسْنَادِهِ نَظَرٌ. قِيلَ: الرِّيَاشُ جَمْعُ رِيشٍ، فَهُوَ كَشِعْبٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>