للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَمْرٍ أَهَمَّهَا: يَا مَتْبُولِيُّ يَا مَتْبُولِيُّ. . فَقُلْتُ لَهَا بَعْدَ أَنْ هَدَأَ رَوْعُهَا: لِمَاذَا تَدْعِينَ الْمَتْبُولِيَّ وَلَا تَدْعِينَ اللهَ تَعَالَى؟ قَالَتْ: الْمَتْبُولِيُّ مَا " يستناش " - أَيْ لَا يُهْمِلُ، وَلَا يَتَأَخَّرُ فِي إِجَابَةِ مَنْ دَعَاهُ وَاسْتَغَاثَ بِهِ - وَذَكَرَتْ حِكَايَةً مُتَنَاقَلَةً بَيْنَ أَمْثَالِهَا وَهِيَ: أَنَّ رَجُلًا كَانَ قَدْ سَرَقَ سَمَكَةَ فَسِيخٍ وَأَكَلَهَا، فَحَلَّفَهُ صَاحِبُهَا يَمِينًا بِالْمَتْبُولِيِّ، فَحَلَفَ بِهِ فَقَيَّأَهُ الْفِسِيخَةَ، وَلِمِثْلِ هَذِهِ الْحِكَايَاتِ يَتَجَرَّأُ أَمْثَالُ هَؤُلَاءِ عَلَى الْحَلِفِ بِاللهِ تَعَالَى كَذِبًا، وَلَا يَتَجَرَّءُونَ عَلَى الْحَلِفِ بِمُعْتَقِدِيهِمْ، وَهَذَا نَوْعٌ آخَرُ مِنْ تَفْضِيلِهِمْ إِيَّاهُمْ عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَهُوَ مِنْ إِلْحَادِ الشِّرْكِ الصَّرِيحِ، وَيَزْعُمُونَ مَعَهُ أَنَّهُمْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَيَتَأَوَّلُ لَهُمْ عُلَمَاءُ الْجُمُودُ الْمُضِلِّينَ، وَيَنْبِزُونَ مَنْ أَنْكَرَ عَلَيْهِمْ بِلَقَبِ وَهَّابِيِّينَ وَيَمْقُتُونَ هَذَا اللَّقَبَ وَإِنْ صَارَ بِمَعْنَى الْمُوَحِّدِينَ.

وَمِمَّنْ خَلَقْنَا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِهِمْ مِنْ جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللهُ مِنْ شَيْءٍ وَأَنْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ مَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَلَا هَادِيَ لَهُ وَيَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ بَعْدَ الِانْتِهَاءِ مِنْ قِصَّةِ مُوسَى مَعَ قَوْمِهِ الَّتِي خُتِمَتْ بِهَا قِصَصُ الرُّسُلِ مِنْ هَذِهِ السُّورَةِ بَيَّنَ اللهُ تَعَالَى لَنَا فِي بَعْضِ آيَاتٍ مِنْهَا شَيْئًا مِنْ شُئُونِ الْبَشَرِ الْعَامَّةِ فِي الْإِيمَانِ وَالشِّرْكِ وَالْهُدَى وَالضَّلَالِ، وَمَا لِفَسَادِ الْفِطْرَةِ، وَإِهْمَالِ مَوَاهِبِهَا مِنَ الْعَقْلِ وَالْحَوَاسِّ مِنْ سُوءِ الْمَآلِ، وَأَرْشَدَنَا فِي آخِرِهَا إِلَى مَا يُصْلِحُ فَسَادَ الْفِطْرَةِ مِنْ دُعَائِهِ بِأَسْمَائِهِ الْحُسْنَى، وَإِلَى مَا لِلْإِلْحَادِ فِيهَا مِنْ سُوءِ الْجَزَاءِ فِي الْعُقْبَى، ثُمَّ قَفَّى عَلَى هَذِهِ الْبِضْعِ الْآيَاتِ بِبِضْعِ آيَاتٍ أُخْرَى فِي شَأْنِ الْأُمَّةِ الْمُحَمَّدِيَّةِ بَدَأَهَا بِوَصْفِ أُمَّةِ الْإِجَابَةِ وَثَنَّى بِذِكْرِ الْمُكَذِّبِينَ مِنْ أُمَّةِ الدَّعْوَةِ، وَثَلَّثَ بِتَفْنِيدِ

<<  <  ج: ص:  >  >>