للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُوا لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَعْيُنٌ يُبْصِرُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا قُلِ ادْعُوا شُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ كِيدُونِ فَلَا تُنْظِرُونِ إِنَّ وَلِيِّيَ اللهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَكُمْ وَلَا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ هَذِهِ الْآيَاتُ تَتِمَّةٌ لِمَا قَبْلَهَا مِنْ آيَاتِ التَّوْحِيدِ مُقَرِّرَةٌ وَمُؤَكِّدَةٌ لِمَضْمُونِهَا ; لِأَنَّ تَوْحِيدَ الْعِبَادَةِ وَنَفْيَ الشِّرْكِ فِيهَا هُوَ أُسُّ الْإِسْلَامِ، وَلَا يَتَقَرَّرُ فِي الْأَذْهَانِ، وَيَثْبُتُ فِي الْجِنَانِ، وَيَكْمُلُ بِالْوِجْدَانِ، إِلَّا بِتَكْرَارِ الْآيَاتِ فِيهِ نَفْيًا وَإِثْبَاتًا لِمَضْمُونِ كَلِمَةِ (لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ) إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ الدُّعَاءُ مُخُّ الْعِبَادَةِ، وَرُكْنُهَا الْأَعْظَمُ، فَلَا يَصِحُّ تَوْحِيدُ أَحَدٍ لِلَّهِ إِلَّا بِدُعَائِهِ وَحْدَهُ، وَعَدَمِ دُعَاءِ أَحَدٍ مَعَهُ. كَمَا قَالَ: فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللهِ أَحَدًا (٧٢: ١٨) وَالْمُفَسِّرُونَ يَقُولُونَ: إِنَّ الدُّعَاءَ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْآيَاتِ مَعْنَاهُ الْعِبَادَةُ، مِنْ بَابِ تَسْمِيَةِ الْكُلِّ بِاسْمِ الْجُزْءِ، فَصَارُوا يُفَسِّرُونَ " تَدْعُونَ " يَتَعَبَّدُونَ، فَضَلَّ بَعْضُ الْعَوَامِّ مِنَ الْقَارِئِينَ وَغَيْرِهِمْ فِي هَذَا التَّعْبِيرِ، وَظَنُّوا أَنَّ الْمَرْءَ لَا يَكُونُ عَابِدًا لِغَيْرِ اللهِ تَعَالَى إِلَّا إِذَا كَانَ يُصَلِّي لَهُ الصَّلَاةَ الْمَعْرُوفَةَ وَيَصُومُ لِأَجْلِهِ، وَأَنَّهُ

لَا يُنَافِي تَوْحِيدَ اللهِ تَعَالَى أَنْ يُدْعَى غَيْرُهُ مَعَهُ، أَوْ يُدْعَى مِنْ دُونِهِ بِقَصْدِ التَّوَسُّلِ إِلَيْهِ وَالِاسْتِشْفَاعِ لَدَيْهِ، إِذَا كَانَ لَا يُصَلِّي وَلَا يَصُومُ لَهُ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِنَّ الدُّعَاءَ هُنَا بِمَعْنَى التَّسْمِيَةِ، فَيَكُونُ الْإِنْكَارُ فِيهِ خَاصًّا بِتَسْمِيَتِهِمْ لِأَصْنَامِهِمْ وَغَيْرِهِمْ مِنْ مَعْبُودَاتِهِمْ آلِهَةً، وَكُلٌّ مِنْ هَذَا وَذَاكَ ضَرْبٌ مِنْ ضُرُوبِ الِاحْتِمَالَاتِ اللَّفْظِيَّةِ الَّتِي يَتَعَلَّقُ بِهَا مَنْ أَشْرَكَ بِاللهِ جَاهِلًا بِمَعْنَى الشِّرْكِ، مِمَّنْ يَدْعُونَ الْمَوْتَى مِنَ الصَّالِحِينَ; لِدَفْعِ الضُّرِّ عَنْهُمْ أَوْ جَلْبِ الْخَيْرِ لَهُمْ، مِنْ غَيْرِ طَرِيقِ الْأَسْبَابِ الَّتِي هِيَ مِنْ تَنَاوُلِ كَسْبِهِمْ وَسَعْيِهِمْ، وَلَكِنَّهُمْ لَا يُسَمُّونَهُمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>