للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(١١: ١٣) إِلَخْ. وَبَيَّنَّا الْفَرْقَ بَيْنَ هَاتَيْنِ الْآيَتَيْنِ وَآيَةِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ فِي التَّحَدِّي عِنْدَ تَفْسِيرِ هَذِهِ الْأَخِيرَةِ (رَاجِعْ ١٥٩ - ١٦٤ مِنَ الْجُزْءِ الْأَوَّلِ تَفْسِيرَ ط الْهَيْئَةِ) . وَلَقَدْ كَانَ زُعَمَاءُ طَوَاغِيتِ قُرَيْشٍ كَالنَّضْرِ بْنِ الْحَارِثِ هَذَا وَأَبِي جَهْلٍ، وَالْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ يَتَوَاصَوْنَ بِالْإِعْرَاضِ عَنْ سَمَاعِ الْقُرْآنِ، كَمَا يَمْنَعُونَ النَّاسَ مِنْهُ ثُمَّ يَخْتَلِفُونَ أَفْرَادًا إِلَى بَيْتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلًا يَسْتَمِعُونَ إِلَيْهِ، وَيَعْجَبُونَ مِنْهُ وَمِنْ تَأْثِيرِهِ وَسُلْطَانِهِ عَلَى الْعُقُولِ وَالْقُلُوبِ، وَكَانَ يَلْتَقِي بَعْضُهُمْ بِبَعْضٍ أَحْيَانًا فَيَتَلَاوَمُونَ، وَيُؤَكِّدُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ الْقَوْلَ بِعَدَمِ الْعَوْدِ إِلَى ذَلِكَ، وَمِمَّا كَانَ مِنْ تَأْثِيرِ اسْتِمَاعِهِمْ أَنْ قَالَ الْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ

فِيهِ كَلِمَتَهُ الْمَشْهُورَةَ فِي وَصْفِهِ وَمِنْهَا " أَنَّهُ يَعْلُو وَلَا يُعْلَى عَلَيْهِ، وَأَنَّهُ يُحَطِّمُ مَا تَحْتَهُ " فَخَافُوا أَنْ تَسْمَعَهَا الْعَرَبُ، فَمَا زَالُوا يُلِحُّونَ عَلَيْهِ فِي قَوْلِ كَلِمَةٍ مُنَفِّرَةٍ تُؤْثَرُ عَنْهُ حَتَّى إِذَا مَا أَقْنَعُوهُ بِوُجُوبِ ذَلِكَ أَطَالَ التَّفْكِيرَ وَالتَّقْدِيرَ وَالنَّظَرَ وَالتَّأَمُّلَ وَالْعُبُوسَ وَالتَّقْطِيبَ حَتَّى اهْتَدَى إِلَى الْكَلِمَةِ الْمَأْثُورَةِ عَنْ جَمِيعِ مُكَذِّبِي الْأَنْبِيَاءِ فِي تَسْمِيَةِ آيَاتِهِمْ سِحْرًا فَقَالَ: سِحْرٌ يُؤْثَرُ - وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُ هَذَا فِي بَحْثِ الْإِعْجَازِ مِنْ تَفْسِيرِ آيَةِ الْبَقَرَةِ فِي التَّحَدِّي.

وَإِذْ قَالُوا اللهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ وَمَا كَانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ وَمَا لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللهُ وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَا كَانُوا أَوْلِيَاءَهُ إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ وَمَا كَانَ صَلَاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكَاءً وَتَصْدِيَةً فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ بَعْدَ أَنْ بَيَّنَ تَعَالَى مَكْرَ قُرَيْشٍ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيَّنَ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ سَبَبَهُ الْجُحُودُ وَالْعِنَادُ فَقَالَ: وَإِذْ قَالُوا اللهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ أَنَّ قَائِلَ هَذَا أَبُو جَهْلٍ. قَالَ الْحَافِظُ فِي شَرْحِهِ فِي الْفَتْحِ: الظَّاهِرُ أَنَّهُ أَبُو جَهْلٍ، وَإِنْ كَانَ هَذَا الْقَوْلَ نُسِبَ إِلَى جَمَاعَةٍ، فَلَعَلَّهُ بَدَأَ بِهِ وَرَضِيَ

<<  <  ج: ص:  >  >>