للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مِنَ الشُّطَّارِ اتَّخَذُوا الِاحْتِيَالَ عَلَى اسْتِجْدَاءِ الْأَغْنِيَاءِ وَالْأُمَرَاءِ بِمَظَاهِرِهِمُ الْخَادِعَةِ وَتَلْبِيسَاتِهِمُ الْبَاطِلَةِ، صِنَاعَةً يُرَوِّجُونَهَا بِالْغُلُوِّ فِي إِطْرَائِهِمْ.

وَمَثَلُ عِنَايَةِ اللهِ تَعَالَى بِالْمُتَوَكِّلِينَ عَلَيْهِ فِي تَسْخِيرِ الْأَسْبَابِ الشَّرِيفَةِ لَهُمْ مَا وَقَعَ لِشَيْخِنَا الْأُسْتَاذِ الْإِمَامِ أَيَّامَ كَانَ مَنْفِيًّا فِي بَيْرُوتَ: قَالَ لِي: جَاءَنِي فُلَانٌ مِنْ أَصْدِقَائِي الْمِصْرِيِّينَ الْمَنْفِيِّينَ يَوْمًا وَقَالَ: إِنَّهُ تُوُفِّيَ وَالِدُهُ، وَأَنَّهُ لَا بُدَّ لَهُ مِنَ الْعِنَايَةِ اللَّائِقَةِ بِهِ فِي تَجْهِيزِهِ، وَلَيْسَ فِي يَدِهِ مَا يَكْفِي لِذَلِكَ: قَالَ الشَّيْخُ: وَكُنْتُ قَبَضْتُ رَاتِبِي الشَّهْرِيَّ مِنَ الْمَدْرَسَةِ السُّلْطَانِيَّةِ لَمْ أُعْطِ مِنْهُ شَيْئًا لِلتُّجَّارِ الَّذِينَ نَأْخُذُ مِنْهُمْ مُؤْنَةَ الدَّارِ فَنَقَدْتُهُ إِيَّاهُ كُلَّهُ لِعِلْمِي بِحَاجَتِهِ إِلَيْهِ كُلِّهِ، وَوَكَّلْتُ أَمْرِي وَأَمْرَ أُسْرَتِي إِلَى اللهِ تَعَالَى، فَلَمْ يَمُرَّ ذَلِكَ النَّهَارُ إِلَّا وَقَدْ جَاءَنِي حَوَالَةٌ بَرْقِيَّةٌ بِمَبْلَغٍ أَكْبَرَ مِنْ رَاتِبِ الْمَدْرَسَةِ كَانَ دَيْنًا

لِي قَدِيمًا عَلَى رَجُلٍ أَعْيَانِي أَمْرُ تَقَاضِيهِ مِنْهُ، وَأَنَا فِيهَا مُمَتَّعٌ بِمَا تَعْلَمُ مِنَ النُّفُوذِ، وَكَتَبْتُ إِلَيْهِ بَعْدَ سَفَرِي مِرَارًا أَتَقَاضَاهُ مِنْهُ مُسْتَشْفِعًا بِعُذْرِ الْحَاجَةِ حَتَّى يَئِسْتُ مِنْهُ، فَهَلْ كَانَ إِرْسَالُهُ إِيَّاهُ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ بِتَحْوِيلٍ بَرْقِيٍّ إِلَّا تَسْخِيرًا مِنْهُ تَعَالَى بِعِنَايَتِهِ الْخَاصَّةِ؟

(أَقُولُ) : إِنَّنِي أَرَانِي غَيْرَ خَارِجٍ بِهَذِهِ الْأَمْثَالِ عَنْ مَنْهَجِ هَذَا التَّفْسِيرِ الْمُرَادُ بِهِ التَّفَقُّهُ وَالِاعْتِبَارُ، وَأَنَا أَرَى النَّاسَ يَزْدَادُ إِعْرَاضُهُمْ عَنِ الدِّينِ وَالِاهْتِدَاءِ بِالْقُرْآنِ، وَتَقِلُّ فِيهِمُ الْقُدْوَةُ الصَّالِحَةُ.

وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللهِ فَأَخَذَهُمُ اللهُ بِذُنُوبِهِمْ إِنَّ اللهَ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقَابِ ذَلِكَ بِأَنَّ اللهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَأَنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ فَأَهْلَكْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَكُلٌّ كَانُوا ظَالِمِينَ

<<  <  ج: ص:  >  >>