للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بِمَا تَرَى مِنَ الْجَزَاءِ عَلَيْهِ، وَكَوْنِهِ ثَمَرَةً طَبِيعِيَّةً لَهُ، لَا شَأْنَ فِيهِ لِوَلِيٍّ وَلَا شَفِيعٍ، وَلَا مَعْبُودٍ وَلَا شَرِيكٍ. وَهُنَالِكَ مَوَاقِفُ وَأَوْقَاتٌ أُخْرَى لَا سُؤَالَ فِيهَا وَلَا جِدَالَ، تُغْنِي فِيهَا دَلَالَةُ الْحَالِ عَنِ الْمَقَالِ، وَلِكُلِّ مَقَامٍ مَقَالٌ (وَرُدُّوا إِلَى اللهِ مَوْلَاهُمُ الْحَقِّ) أَيْ أُرْجِعُوا إِلَى اللهِ الَّذِي هُوَ مَوْلَاهُمُ الْحَقُّ، دُونَ مَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ بِالْبَاطِلِ مِنَ الْأَوْلِيَاءِ وَالشُّفَعَاءِ، وَالْأَنْدَادِ وَالشُّرَكَاءِ عَلَى اخْتِلَافِ الْأَسْمَاءِ، كَمَا ثَبَتَ فِي الْآيَاتِ الْكَثِيرَةِ كَقَوْلِهِ: (إِلَى اللهِ مَرْجِعُكُمْ) (٥: ٤٨ و١٠٥، ١١: ٤) ، (إِلَى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ) (٦: ١٦٤، ٣٩: ٧) ، (إِلَى رَبِّهِمْ مَرْجِعُهُمْ) (٦: ١٠٨) (وَإِلَى اللهِ الْمَصِيرُ) (٢٤: ٤٢، ٣٥: ١٨) (وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ) (٥: ١٨، ٤٢: ١٥، ٦٤: ٣) (وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ) أَيْ وَضَاعَ وَذَهَبَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَهُ عَلَيْهِ مِنَ الشُّفَعَاءِ وَالْأَوْلِيَاءِ فَلَمْ يَجِدُوا أَحَدًا يَنْصُرُهُمْ وَلَا يُنْقِذُهُمْ (يَوْمَ لَا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئًا وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ) (٨٢: ١٩) .

هَذِهِ الْآيَاتُ فِي مَوْقِفِ الْمُشْرِكِينَ مَعَ الشُّرَكَاءِ، وَالْمَرْءُوسِينَ مَعَ الرُّؤَسَاءِ، وَالْمُتَكَبِّرِينَ مَعَ الضُّعَفَاءِ وَالْمُضِلِّينَ مَعَ الضَّالِّينَ، وَالْغَاوِينَ مَعَ الْمُغْوِينَ، قَدْ تَكَرَّرَ بَيَانُهَا فِي سُوَرٍ أُخْرَى مُجْمَلًا مُبْهَمًا، وَفِي بَعْضِهَا مُفَصَّلًا وَمُبَيَّنًا فَمِنْهَا مَا يَسْأَلُ اللهُ فِيهِ الْعَابِدِينَ، وَمِنْهَا مَا يَسْأَلُ فِيهِ الْمَعْبُودِينَ، مِنْ غَيْرِ تَعْيِينٍ، وَمِنْهَا مَا عَيَّنَ فِيهِ اسْمَ الْمَلَائِكَةِ وَالْجِنِّ وَالشَّيَاطِينِ، وَفِي كُلٍّ مِنْهَا يَتَبَرَّأُ الْمُضِلُّونَ مِنَ الضَّالِّينَ، فَتُرَاجَعُ فِيهَا سُورَةُ الْفُرْقَانِ ٢٥: ١٧ - ١٩ وَسُورَةُ الْأَنْعَامِ ٦: ٢٢ - ٢٤ وَسُورَةُ سَبَأٍ ٣٤: ٤٠ - ٤٢ وَسُورَةُ الْقَصَصِ ٢٨:٦٢ - ٦٤ وَمِنْهَا مَا يَتَنَاقَشُ فِيهَا الْفَرِيقَانِ فَرَاجِعْ سُورَةَ إِبْرَاهِيمَ ١٤: ٢١ و٢٢ وَسُورَةَ الصَّافَّاتِ ٣٧: ٢٢ و٢٣ فَبِمُرَاجَعَةِ هَذِهِ الْآيَاتِ كُلِّهَا وَمَا فِي مَعْنَاهَا كَآيَاتِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ ٢: ١٦٦، ١٦٧ وَمَعَ تَفْسِيرِنَا لِهَاتَيْنِ (ج٢) يَتَبَيَّنُ لَكَ مَا يُفَسِّرُ بِهِ بَعْضُهَا بَعْضًا، وَقَدْ بَيَّنَّا حِكْمَةَ هَذَا التَّكْرَارِ فِي مَوْضِعِهِ الَّذِي دَلَّلْنَا عَلَيْهِ آنِفًا.

(قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللهُ فَقُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ فَذَلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ كَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ فَسَقُوا أَنَّهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>