للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ قُلِ اللهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ قُلِ اللهُ يَهْدِي لِلْحَقِّ أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لَا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلَّا ظَنًّا إِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ) .

(قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ) لَمْ يَعْطِفْ هَذَا الْأَمْرَ وَلَا مَا بَعْدَهُ عَلَى مَا قَبْلَهُ مِنْ تَلْقِينِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الِاحْتِجَاجَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ؛ لِأَنَّ حُكْمَ الْبَلَاغَةِ فِيهِ الْفَصْلُ كَأَمْثَالِهِ مِمَّا يُسْرَدُ سَرْدًا مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ مِنَ الْمُفْرَدَاتِ وَالْجُمَلِ. أَيْ قُلْ لَهُمْ أَيُّهَا الرَّسُولُ: هَلْ أَحَدٌ مِنْ شُرَكَائِكُمُ الَّذِينَ عَبَدْتُمُوهُمْ مَعَ اللهِ أَوْ مِنْ دُونِ اللهِ مَنْ لَهُ هَذَا الشَّأْنُ فِي الْكَوْنِ، وَهُوَ بَدْءُ الْخَلْقِ فِي طَوْرٍ ثُمَّ إِعَادَتُهُ فِي طَوْرٍ آخَرَ سَوَاءٌ كَانَ مِنَ الْأَصْنَامِ الْمَنْصُوبَةِ، أَوْ مِنَ الْأَرْوَاحِ الَّتِي تَزْعُمُونَ أَنَّهَا حَالَّةٌ فِيهَا، أَوْ مِنَ الْكَوَاكِبِ السَّمَاوِيَّةِ أَوْ غَيْرِهَا مِنَ الْأَحْيَاءِ كَالْجِنِّ وَالْمَلَائِكَةِ وَلَمَّا كَانَ هَذَا السُّؤَالُ مِمَّا لَا يُجِيبُونَ عَنْهُ كَمَا أَجَابُوا عَنْ أَسْئِلَةِ الْخِطَابِ الْأَوَّلِ، لِإِنْكَارِهِمُ الْبَعْثَ وَالْمَعَادَ - لَا لِاعْتِقَادِهِمْ أَنَّ شُرَكَاءَهُمْ تَفْعَلُ ذَلِكَ - لَقَّنَ اللهُ رَسُولَهُ الْجَوَابَ (قُلِ اللهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ) فَأَدْمَجَ إِثْبَاتَ الْبَعْثِ فِي تَوْحِيدِ الرُّبُوبِيَّةِ لِأَنَّهُ يَقْتَضِيهِ وَيَسْتَلْزِمُهُ، فَإِنَّ الرَّبَّ الْقَادِرَ عَلَى بَدْءِ الْخَلْقِ يَكُونُ قَادِرًا عَلَى إِعَادَتِهِ بِالْأَوْلَى، عَلَى أَنَّ الَّذِي يُنْكِرُونَهُ هُوَ إِعَادَتُهُ تَعَالَى لِلْأَحْيَاءِ

الْحَيَوَانِيَّةِ دُونَ مَا دُونَهَا مِنَ الْأَحْيَاءِ النَّبَاتِيَّةِ، فَهُمْ يُشَاهِدُونَ بَدْءَ خَلْقِ النَّبَاتِ فِي الْأَرْضِ عِنْدَمَا يُصِيبُهَا مَاءُ الْمَطَرِ فِي فَصْلِ الشِّتَاءِ، وَمَوْتَهُ بِجَفَافِهَا فِي فَصْلِ الصَّيْفِ وَالْخَرِيفِ ثُمَّ إِعَادَتَهُ بِمِثْلِ مَا بَدَأَهُ بِهِ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى، وَيُقِرُّونَ بِأَنَّ اللهَ هُوَ الَّذِي يَفْعَلُ هَذَا الْبَدْءَ وَالْإِعَادَةَ؛ لِأَنَّهُمْ يُشَاهِدُونَ كُلًّا مِنْهُمَا، فَهُمْ أَسْرَى الْحِسِّ وَالْعِيَانِ، ثُمَّ يُنْكِرُونَ قُدْرَتَهُ عَلَى إِعَادَةِ خَلْقِ النَّاسِ؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يُشَاهِدُوا أَحَدًا مِنْهُمْ حَيِيَ بَعْدَ مَوْتِهِ، وَقَدْ فَقَدُوا الْعِلْمَ بِبُرْهَانِ الْقِيَاسِ، وَإِنَّنَا لَا نَزَالُ نَرَى أَمْثَالًا لَهُمْ فِي جَاهِلِيَّتِهِمْ مِمَّنْ تَعَلَّمُوا الْمَنْطِقَ وَطُرُقَ الِاسْتِدْلَالِ. وَعَرَفُوا مَا لَمْ يَكُونُوا يَعْرِفُونَ

<<  <  ج: ص:  >  >>